حرب البسوس هي واحدة من أشهر الحروب العربية القديمة التي دارت رحاها بين قبيلتي تغلب وبكر بن وائل في شبه الجزيرة العربية خلال القرن الخامس الميلادي. لتوضيح مكان هذه الأحداث، علينا أن نعود بالزمن إلى العصر الجاهلي ونستوعب الخلفية الجغرافية لتلك الفترة.
شهدت الصحراء العربية خصبةً بالمواجهة والصراعات بسبب المنافسة على الموارد الطبيعية والبقاء، مما أدى إلى نشوب العديد من النزاعات الدموية بين القبائل المختلفة. وكانت منطقة الربع الخالي -أو ما يعرف اليوم باسم صحراء النفود الكبير- موقعًا رئيسيًا لهذه الصراعات بسبب غناها بالحياة البرية والأراضي الرعوية الواسعة.
حرب البسوس تحديداً شهدتها تلك المنطقة الغنية بالعشب والنباتات، والتي كانت مصدر جذب لأعداد كبيرة من المواشي والقوافل التجارية أيضًا. وقد بدأت الحرب بسبب خلاف حول ساقية مياه مشتركة تسمى "بسوس"، وهي الاسم الذي أخذته عنه الحرب لاحقًا. هذا الموقع الاستراتيجي جعل منه نقطة انطلاق للعديد من المعارك الرئيسية للحرب.
إضافة لذلك، تشير الروايات التاريخية إلى دور بارز لمدينة العين الإماراتية الحديثة كموقع استراتيجي طوال فترة الحرب. فقد شكلت المدينة مركزًا هامًا للتجارة والتبادل الثقافي آنذاك، كما أنها كانت ملاذًا آمناً للمواطنين أثناء اندلاع الأعمال العدائية. بالإضافة إلى ذلك، فإن وجود نهر الوحش بالقرب منها كان عاملاً آخر يعزز أهميتها كمركز إمداد وتزويد للقوات المتحاربة.
في النهاية، تعكس حرب البسوس مدى تعقيد الحياة الاجتماعية والعلاقات السياسية المتداخلة داخل مجتمعات العرب البدوية القدماء. إنها قصة تحمل دروسًا قيمة حول تأثير موارد الأرض والحفاظ عليها وكيف يمكن أن يؤدي سوء الإدارة إليها نحو الدمار والفوضى.