جهّز النبي محمد صلى الله عليه وسلم المسلمين تجهيزًا جيدًا منذ بداية فترة الدعوة الإسلامية، بهدف مواجهة المشركين وردعهم عن أعمالهم الظالمة والعدوانية. وقد شمل هذا التحضير تنظيم مجموعة من السرايا التي بلغ مجموعها ثلاثة وسبعين سرية عبر فترات زمنية مختلفة ومواقع متنوعة. كان يقود هذه السرايا شخصيات مؤثرة وحكيمة من صحابة الرسول الأعظم.
وتُعتبر السرايا حدثًا هامًا في التاريخ الإسلامي، إذ لعبت دورًا محوريًا في تحقيق العديد من الانتصارات والدعاية للإسلام ونشر دعوته. فيما يلي بعض الأمثلة البارزة لهذه السرايا:
- سرية محمد بن مسلمة: قادها ابن مسلمة عام 626 ميلادي (سنة 6 هـ) ضد قبيلة بني بكر في منطقة تسمى "القرطاء". نجحت السرية في الحصول على الكثير من الغنائم بعد فرار خصومهم.
- سرية عكاشة بن محصن: نظمت كذلك عام 626 ميلادي (7 هـ). توجهت السرية تحت قيادة عكاشة نحو منطقة "الغمر"، وهرب السكان المحليون تاركين خلفهم ممتلكاتهم الثمينة التي استرجعتها القوات الإسلامية.
- سرية زيد إلى الجموم: انطلق قائد هذه السرية، زيد بن حارثة، سنة 625 ميلادي (5 هـ) إلى موقع يسمى "جموم"، والذي يبعد حوالي 40 كيلومتراً شمال شرق مدينة جدة حاليًا. أدت السرية إلى إصابة عدة أفراد من بني سليم وتم اقتناص العديد من المواشي والأسرى الذين اعتنقوا الدين الإسلامي لاحقاً.
- سرية عبد الرحمن إلى ديار بني كلب: قام بها عبد الرحمن بن عوف بتاريخ 628 ميلادي (7 هـ) لاستهداف قبائل "بني كلب"، لكن نتائجها الرئيسية جاءت في شكل تحويل البعض منهم للدين الحنيف بالإضافة لتزوّج أحد الصحابة بامرأة هناك بإذنٍ خاص من النبي صلى الله عليه وسلم.
كان لكل واحدة من هذه السرايا وغيرها الكثير أهميتها الخاصة والتي تتضح فيما يلي: الاستجابة لأوامر الله بالانتصار للمظلومين؛ تعزيز قوة المسلمين المستضعفين حديثًا; نشر رسالة الدين الإلهي; الدفاع عن وحدانية العقيدة أمام كل من يحاول زعزعتها؛ تطوير المهارات القتالية لدى الجنود المسلميين باستمرار. كل تلك النقاط تُظهر مدى رؤية النبي الشاملة وطموحه لنشر السلام والعدل والخير وسط عالم مليء بالحروب والصراع آنذاك وللحفاظ على تراثه الروحي الأخلاقي أيضًا.