الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
يعدّ حكم بلع الريق للصائم موضوعًا مهمًا في الفقه الإسلامي، حيث يختلف حكمه باختلاف الظروف والتفاصيل. فإن بلع الريق لا يفسد الصيام ما لم يكن هناك قصد لابتلاعه، أو إذا خرج الريق إلى ظاهر الشفة ثم تم ردّه إلى الفم وابتلاعه عمدًا.
فيما يتعلق ببلع الريق، يرى العلماء أنه لا يؤثر على صحة الصوم، ولا يطالب المرء بإخراجه. كما ذكر ابن قدامة في "المغني"، فإن ابتلاع الريق لا يفطر لأن ذلك أمر لا يمكن التحرز منه، مشبهاً بذلك غبار الطريق وغربلة الدقيق.
أما بالنسبة لبلع بقايا الطعام التي تكون بالفم، فيوجد تفصيل في حكمها بالنسبة للصائم. وفقًا لابن قدامة في "المغني"، فإن من أصيب بطعام بين أسنانه، فإما أن يكون ذلك طعامًا يسيرًا لا يمكن لفظُه، فإذا ازدرده فلا يفطر به؛ لأن ذلك أمر لا يمكن التحرز منه. وإما أن يكون طعامًا كثيرًا يمكن لفظُه، فإذا لفظَه فلا شيء عليه، وإن ازدرده عمدًا فسد صومه في قول أكثر أهل العلم.
وفيما يتعلق بالجهل بحكم بلع الريق أو بقايا الطعام، يرى بعض الفقهاء أن الجهل بالحكم الشرعي لا يفسد الصوم، خاصة إذا كان المفطر المعلوم عند جل الناس. كما أن الجهل بالحال، أي عدم علم الصائم بأنه في حال يحرم عليه الأكل والشرب فيها، يعد عذرًا أيضًا.
وفي الختام، ينبغي للصائم أن يحترز من بلع الريق أو بقايا الطعام قدر الإمكان، خاصة إذا كان هناك إمكانية لإخراجها دون عناء. وفي حالة الجهل بحكم بلع الريق أو بقايا الطعام، ينبغي للصائم أن يتحرى ويستشير أهل العلم لتجنب أي مفاسد قد تحدث بسبب الجهل. والله أعلم.
