التجليات التاريخية لنزول الوحى: رحلة الرسالة النبوية عبر الزمن

تعد قصة نزول الوحي أحد أهم الأحداث في تاريخ الإسلام، وهي مرحلة حاسمة ومفصلية في نشر رسالة الدين الإسلامي للعالم. يبدأ هذا الحدث مع بداية دعوة النبي مح

تعد قصة نزول الوحي أحد أهم الأحداث في تاريخ الإسلام، وهي مرحلة حاسمة ومفصلية في نشر رسالة الدين الإسلامي للعالم. يبدأ هذا الحدث مع بداية دعوة النبي محمد صلى الله عليه وسلم وهو في الثلاثينيات من عمره، عندما بدأ يستشعر وجود قوة خارقة تسعى إلى مخاطبته وتوجيهه نحو مهمته المقدسة كرسول للناس كافة.

يمكن تقسيم مراحل نزول الوحي إلى عدة فترات رئيسية:

  1. الفترة السرية: هذه المرحلة الأولى بدأت بعد رؤية جبريل عليه السلام للنبي محمد صلى الله عليه وسلم أول مرة في غار حراء، واستمرت لمدة ثلاث سنوات تقريبًا. خلال تلك الفترة، لم يكن هناك ما يدل علنياً على الدعوة الجديدة؛ إذ ظل الأمر سراً بين الرسول وأقرب المقربين إليه فقط مثل زوجته خديجة بنت خويلد وعمه أبو طالب وغيرهما ممن آمنوا معه إيماناً راسخاً.
  1. الفترة المكية: عقب انتهاء الفترة السرية مباشرةً، دخل المسلمون مرحلة جديدة تميزت بالدعوة علانية في مكة المكرمة رغم المعاناة التي واجهوها بسبب مقاومة قريش الشديدة وعدائها للإسلام والمسلمين الجدد آنذاك. استمرت هذه الحقبة حوالي عشرين عامًا حتى هاجر الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم وزادت فيها أحكام الدين تعقيدًا واتساعا بشكل ملحوظ مقارنة بما سبق لها منذ البداية الروحية لرسالته المباركة والتي كانت أساس بناء عقائد وشرائع ديننا الحنيف اليوم.
  1. فترة الهجرة والثبات: عند هجرة الرسول والنصار المبكرين للهجرة الإسلامية إلى المدينة المنورة، دخلت العقيدة المحمدية نطاق جديد تمامًا وتم ترسيخ نظام سياسي وديني متكامل قائم بذاته ينظم شؤون المجتمع الوليد ويضع الأسس القانونية والإدارية لتلك الدولة الفتية الواعدة مستقبلاً - دولة آل البيت عليهم السلام -. هنا أيضًا اتسع مجال التشريع الشرعي فكان للنصوص المكتوبة دور بارز فيما عرف لاحقا بتنزيلات القرآن ومن ثم جمعها فيما يعرف الآن بصحيح المصحف العثماني الشهير والذي يعد المرجع الأعلى لكل مسلم يؤمن بأن كتابات قدوتنا الأكبر هي مصدر إلهام وحكمة وخلاصة تجارب حياتية عميقة للغاية تؤثر إيجابيا بلا شك على حياة المؤمن الفرد والجماعة البشرية باسرها حينما تتبع تعاليمها جيِّداً.

بهذه الطريقة المتدرجة والمجزأة منطقيًّا يمكن فهم تأثيرات عملية التحولات النفسية والفكرية التي مر بها النبي الأعظم أثناء قضائه لهذه الرحلات الخارقة للتاريخ عبر مسيرة تدوين الآيات المنزلات منه لدينا كمصدر أساسي لأصول الفقه الإسلامي وباقي علوم الدين المختلفة الأخرى ذات الصلة بهذا الجانب الملتهب بالحركة الدينية القائمة وقتئذٍ وكذلك المستقبلية كذلك إن نحن حقَّقْنا الاتباع الصالح لما جاء فيه بحُسن اختيار أيامه المشرفة يوم كان يحظى بالنصيب الأكبر من حضرة رب العالمين جل وعلا عز وجل.


الفقيه أبو محمد

17997 مدونة المشاركات

التعليقات