عبد الله بن عباس، أحد أشهر علماء الحديث والفقه في تاريخ الإسلام، اشتهر بلقب "ترجمان القرآن" نظراً لكفاءته الباهرة في فهم ومعرفة معانيه وآياته. يكن من مواليد مدينة مكّة المكرمة عام 595 ميلادي، ولد لعائلة نبيلة ذات سلالة سامية كريمة تنتمي لقريش، وهي قبيلة شريفة في الجزيرة العربية آنذاك.
إنَّ ارتباط العلامة ابن عباس بالنبي صلى الله عليه وسلم وبصحابتة الشمائل ليس فقط بسبب قرب الدم والقرابة الوثيقة بينهما؛ ولكنه أيضاً عبر التأثير المحوري الذي تركه وجود هذا الرجل الفذ فيما يتعلق بتشكيل الثقافة الدينية للعصر الإسلامي المبكر. لقد كان حضوره مقدرًا للغاية بالنسبة لسيد الخلق جميعاً والذي حرص دائمًا علي تقديره واحترام شخصيته الواعدة.
وقد برز جليًا دور بن عباس كأحد رواد التفسيرات الأولى التي قدّم لها رؤيتها الخاصة حول الآيات القرأنية المختلفة مما أدى بدوره إلي ترسيخ مكانته كمصدر موثوق للأدلة الشرعية لدى العديد من الفقهاء والمحدثين الذين جاؤا بعد ذلك كثيرا جدا . لذلك، يمكن اعتبار محاضراته ودروسه المتعلقة بمختلف جوانب العقيدة الإسلامية بمثابة موسوعة شاملة تغطي مختلف جوانب الحياة الروحية والإرشادية اللازمة للحياة الشخصية والجماعة المسلمة. وعلى الرغم من وفاته المبكرة نوعا ما -في حوالي العام 68 هجرية– إلا أن إرثه المعرفي ظل حيويًا ومتفاعلاً حتى عصرنا الحالي ، وذلك بفضل جهوده المثمرة والتي طبعت التاريخ الحافل بالإنجازات العلمية والدينية. كما أنه صاحب كتاب "تفسير ابن عباس"، وهو مصدر رئيس لمجموعة واسعة من المؤلفات والمراجع الأخرى المرتبطة بالتفسير والعقائد الاسلامية الأساسية. ولا زالت هذه الكتابات مرجعا أساسيا لدراسات علوم الشريعة بشكل خاص وفي علوم أخرى عامة تتصل بالحياة الاجتماعية والثقافية أيضا للفترة الزمنية تلك وما تلاها مباشرة.
