في رحلتنا لاستكشاف عبادة القراءة والتلاوة التي تعتبر العمود الفقري للإسلام، نستكشف شخصية بارزة تركت بصمتها المؤثرة في تاريخ الإسلام - أبو المنذر أُبي بن كعب، أحد صحابة الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم. يُعدّ أَبيّ بن كعب نموذجاً فريدًا لكل محبي كتاب الله، لما يتمتع به من قدرات متميزة جعلته يحتل مكانه الرفيع بين صفوف رواة القرآن الكريم ومعلمه.
أُبي بن كعب، رضي الله عنه، ليس مجرد أحد الصحابة؛ بل كان قائداً روحياً لعب دوراً محورياً في تدوين وتقييد النصوص المقدسة خلال فترة ازدهار الدعوة الإسلامية الأولى. كانت مساهماته ملهمة بشكل خاص مع تعيينه كاتباً لدى رسول الله أثناء وجوده في المدينة المنورة. هذه المسؤوليات الثقيلة لم تثنه عن تطوير مهاراته الشخصية في قراءة وكتابة المصحف الشريف، الأمر الذي أكسبه احترام زملائه الصحابة والنبي نفسه.
وتأكيداً على مكانته الفريدة، فقد ورد حديث شريف ينسب إليه بأنه "أكثر الناس علماً بكتاب الله" حسب ما رواه البخاري ومسلم وغيرهما من أمهات الحديث. هذا الاعتراف الرسمي يشير إلى براعته الاستثنائية في معرفة تأويل آيات القرآن واستخراج الحكم منها، مما يجعله مثالاً حيًا للقارئ المثالي للقرآن بتفاسيره وفهمه العميق.
وعندما نتعمق أكثر في تراث القراءات القرآنية الحديثة، لا يمكن تجاهل إسهامات الشيخ محمود خليل الحصري، الذي يعد واحداً من أهم قراء القرن العشرين وأحد مؤسسي مدرسة الأحكام والقواعد المرتبطة بالتجويد والإيقاع الصوتي المناسب لتلاوة الآيات القرآنية بكل جمال وروعة وجلاليتها. نشأة الشيخ بالقرب من مدينة طنطا بمصر ساعدت كثيراً في تشكيل شخصيته العلمية والفنية المتوازنة والتي ظهرت فيما بعد عندما اختاره مجلس إدارة إذاعة القاهرة ليصبح أول مذيع قرآن كريم مسجل صوتياً! إن تفانيه وجهوده المكثفة نحو دراسة علوم العربية والتراث العربي القديم منحوه فهماً شاملاً لأصول اللغة والسياقات اللغوية المستخدمة داخل النصوص الدينية المختلفة بما فيها السنة النبوية المطهرة والتفاسير الرئيسية للأحاديث المحمدية الشريفة.
ومن ضمن قائمة التسعة عشر قارئًا معروف باسم الرواة العشرة هناك اسم آخر يستحق الذكر: حفص بن سليمان المصري الأصل. رغم عدم توفر معلومات دقيقة حول حياته المبكرة إلا أنه اتسم بشخصية فريدة كون القراءات الثلاث عشرة الموجودة اليوم كلها متعلقة ارتباط مباشر بإحدى طرائقه الخاصة للتلاوة. تعد طريقة حفص الأكثر شيوعاً واستخداماً بكثافة حتى يومنا الحالي وذلك يعزز اعتباره واحدًا من رواد الاتجاه الشرقي التقليدي فيما خص كيفية أداء سور المصحف العزيز بطريقة حسنة وكاملة المواصفات وفق الأعراف والمبادئ الراسخة منذ القدم.
وبالتالي فإن بحثنا عن أفضل قارئ للقرآن يعتبر عملية غير قابلة للحسم نهائيًا نظرا لرؤية كل فرد مختلفة بناءً علي ذوقيه الخاص وآرائه الشخصية بشأن الأمور الجمالية والموضوعيات الأخرى ذات الطبيعة الفرعية الثانوية نوعا ما بالمقارنة بالأهداف الأساسية للعبرة والمعنى الأساسي المكتتب في الجوهر الواضح الواضح لهذه الأدعية المباركة المنزلية الربانية المكية المدينية.. لكن يبقى أبو المنذر وابن الحصري والحافظ الكبير حفص أبناء إنجازات مشرفة تبقي ذكرهم خالد الى دروب الدهر الزاهر .