في ظل تحديات الحرب والمخاطر العالمية، برزت إحدى أهم المحطات البارزة في التاريخ الإسلامي وهي معركة القادسية عام 15 هـ/636 م. وقع هذا الحدث التاريخي الكبير نتيجة لتجمع عوامل متنوعة أدت جميعها إلى مواجهة حاسمة جمعت المسلمين بقيادة سعد بن أبي وقاص وبينه وبين جيوش فارس المؤلفة من عدة عشرات الآلاف.
كانت قوات المسلمين أقل بكثير مقارنة بخصومهم؛ إذ قدرت بحسب الروايات المتواترة بين سبعة وثمانية آلاف محارب فقط! بينما تراوح تقدير تعداد خصومهم وفق النقل التاريخي الموثوق بما بين الأربعين والخمسين والأكثر من مائة وعشرين ألف مدججين بالسلاح ومربيين على فنون الحروب لسنوات طويلة. وعلى الرغم من تفوق الجانب العددي الهائل للفars، فقد خرجت معركة القادسية بإسلام فارسي غالبية مساحاته الجغرافية ودخول الدولة العربية الإسلامية إليها بشكل نهائي لأجيال قادمة.
تعكس معركة القادسية شجاعة وحكمة قائد المسلمين سعد بن أبي وقاص، وهو صحابي جليل أخضع لإمرة الأمير الأموي عمر بن الخطاب نفسه بعد انسحاب الأخير وتمثيل دوره الاستراتيجي كمستشار رئيسي لسعد طيلة أيام المواجهة الشاقة. وقد وصف له الصحابة، الذين كانوا أيضا ضمن صفوف الجنود، بالرجولة والتدين والشجاعة والاستقامة فيما سجل لهم التأريخ صفحات مشرفة أخرى خلال تلك الحقبة الزاهية.
لقد استمرت هذه المبارزة الطويلة لمدة شهر كامل شهد خلالها انتصار مسلمي القادسية لصالح جانبهم حين تعرض المشركون لهجوم مفاجئ بسبب الرياح العنيفة التي دمرت مخيماتهم وألحقت خسائر كبيرة بخيامهم مما أسهم بشكل مباشر بفوز القوات الإسلامية بتلك المعركة الشهيرة والتي تعد نقطة فاصلة نحو توسع النفوذ الإسلامي باتجاه الشرق الأوسط لاحقا.