سورة التوبة، المعروفة أيضًا باسم "براءات"، هي واحدة من سور القرآن الكريم التي تحمل طابعًا خاصًا. وهي تُعرف بأنها الأخيرة من حيث ترتيب المصحف وأوائل ما نزل مدنياً، وقد جاءت بعد أحداث مهمة مثل غزوة تبوك وانقلاب بعض الصحابة القدامى على رسول الله صلى الله عليه وسلم. تتكون السورة من ١٢٩ آية، مما يجعلها إحدى أطول سور القرآن. اسم "التوبة" مشتق من ذكر التائب في أولها، وهو أبو بكر الصديق -رضي الله عنه-. ومعنى اسم "براءات" يعود لأربعة مواضع فيها تكلمت فيه الآيات عن البراءة ممن خان دين الإسلام وخلف عن الطاعة.
تعتبر سورة التوبة مصدرًا هاماً للحكم الشرعية المتعلقة بالعلاقات الإسلامية وغير الإسلامية. إنها تحتوي على أحكام مرتبطة بالتوبة والنكاح والعقوبات الدينية والحروب ضد اليهود والمنافقين والمرتدين بالإضافة إلى القضايا المالية والأحوال الاجتماعية الأخرى.
يمكن إرجاع تسميات أخرى للسورة إلى مضمونها، منها الفاضحة بسبب فضحها للنفاق، البحوث لاستخدامها اللغة الاستعلامية حول نوايا المنافقين، المقشقشة لتوضيح حالة التحقق من إيمان الشخص، المخزية لشدة نقدها للمرتدين، المثيرة لما يكشف عنها من وجهات النظر الداخلية للأفراد، الحافرة كونها تسعى لإيجاد الحقائق الخفية والمعادية للإسلام، المنكلة لدلالة دمار المكذبين لها والدمدمة لقوتها وصرامتها عند الحديث عن عقوبات المرتدين.
نشأت سورة التوبة نتيجة ظروف تاريخية مختلفة زادت أهميتها ودقتها كعمل قانوني وإرشادي. وكان سبب نزولها الأساسي رفض النبي صلى الله عليه وسلم فرض حج العام نفسه واستبداله بصيام ثلاثة أيام؛ الأمر الذي دعا إلى ظهور الآيات الأولى للسورة والتي وجهتها رسالة مباشرة لأبي بكر الصديق -رضي الله عنه-. أما بالنسبة للأسباب الأخرى فقد كانت تشمل التعامل مع حالات خيانة الإيمان داخل المجتمع الإسلام الناشئ آنذاك، إعادة تنظيم العلاقات الدولية والإقليمية وبسط القانون الاجتماعي بما يحافظ على الوحدة الوطنية الجديدة. علاوة على ذلك، فإن سورة التوبة تحتفل بالنصر المؤزر لنصرة المسلمين أثناء معركة حنين وتمثل تحديًا لتحسين الوعي بشأن خطر النفوذ الخارجي والشريك الداخلي المتمرد.
