قبل ظهور الإسلام، شهد العالم العربي حركة فكرية نابضة بالحياة تنوعت فيها العلوم والمعارف بشكل ملحوظ. كانت البيئة الاجتماعية والثقافية خصبة لنمو الأفكار الجديدة والتجارب العلمية. كان الشعر أحد أهم أشكال التعبير عن الحياة الفكرية العربية آنذاك، فقد برز شعراء كبار مثل امرؤ القيس، وعنترة بن شداد، وجرير، والإمام الشافعي الذين تركوا بصمة واضحة في الأدب والشعر العربي القديم. كما ساهم الفنون الأخرى مثل الخط والرسم والنحت في تعزيز هذا النشاط الفكري.
في المجال الديني والعلمي، يوجد العديد من الأمثلة التي توضح مدى تقدم التفكير العربي. مثلاً، نظام التدريس الذي ابتكره اليونانيون وتم تبنيه فيما بعد في العراق وسوريا والمغرب الأوسط، والذي يعتمد على التعلم المنظم والمعرفة المكتسبة عبر الدراسات المتعمقة للموضوعات المختلفة. بالإضافة إلى ذلك، ظهر نوع جديد من المدارس والمعاهد التعليمية تسمى "الخانات"، والتي قدمّت دورات متخصصة في مختلف مجالات المعرفة بما فيها الطب والفلك وعلم النفس وغيرها الكثير.
بالإضافة لذلك، لعب التجار والحجاج دور هام جداً في نشر وترويج المعرفة بين البلدان المختلفة. حيث كانوا يحملون معهم ليس فقط البضائع ولكن أيضا الأفكار والأدبيات مما أدى إلى خلق حوار ثقافي وفكري غني ومتنوع.
هذه بعض من المظاهر الرئيسية للحياة الفكرية الغنية لدى العرب قبل ظهور الإسلام - حياة تميزت بالتجديد المستمر والاستعداد للتعلم والتفاعل مع الآخرين.