فضل الدعاء بظهر الغيب له مكانة عظيمة في الإسلام، حيث وردت أحاديث نبوية تشير إلى فضله العظيم. يقول النبي صلى الله عليه وسلم: "مَنْ دَعَا لِأَخِيهِ بِظَهْرِ الْغَيْبِ قَالَ الْمَلَكُ الْمُوَكَّلُ بِهِ: آمِينَ، وَلَكَ بِمِثْلٍ" (رواه مسلم). يشير هذا الحديث إلى أن الدعاء لأخيك المسلم بظهر الغيب يحظى بمكانة خاصة، حيث يؤمن الملائكة على دعائك ويستجيب الله لك مثل ما دعوت به لأخيك.
يؤكد الإمام النووي في شرح هذا الحديث أن فضل الدعاء بظهر الغيب يتحقق للمسلم إذا دعا لأخيه المسلم، أو لجماعة من المسلمين، أو حتى للمسلمين جميعاً. وهذا الفضل يتحقق لأن الله سبحانه وتعالى يستجيب للمسلم الذي يدعو لأخيه، وتتحقق له مثل هذه الاستجابة بفعله هذا.
الدعاء للمسلم بظهر الغيب يدل على تميز المسلم عن غيره في محبته لحصول الخير لإخوانه كما يحبه لنفسه، وهو امتثال لهدي النبي صلى الله عليه وسلم حينما قال: "لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه".
أما بالنسبة لطلب الدعاء من الغير، فالأصل في ذلك الجواز، ولكن ينبغي أن يراعي المسلم في ذلك عدة أمور: ألا يعتاد على طلب الدعاء من أخيه حتى لا يتوانى عن الدعاء لنفسه، وألا يخشى من حصول العجب والاغترار في نفس الشخص الذي يطلب منه الدعاء، وأن يقصد من طلبه الدعاء من أخيه المسلم أن يتحقق النفع له ولأخيه، لأن الملائكة تؤمن على دعاء من يدعو لأخيه بظهر الغيب.
ومن المهم التنبيه إلى أن الدعاء على المسلمين فيما يضرهم لا يجوز، فهو نوع من أنواع الظلم التي لا يستحق أن يعان المسلم فيها، أو يؤمن على دعائه من قبل الملائكة. أما من كان مظلوما، فإنّه يجوز له أن يدعو على من ظلمه شريطة أن يكون الدعاء بقدر مظلمته، والأولى له أن يسعى في طلب حقه ممن ظلمه من الجهات المسؤولة، لقوله تعالى: "لاَّ يُحِبُّ اللّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوَءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلاَّ مَن ظُلِمَ".
بهذا نرى أن فضل الدعاء بظهر الغيب كبير، وأن أحكامه واضحة في الشرع الإسلامي.