في تاريخ الحضارة العربية الغني بالأساطير والقيم الدينية العميقة، يبرز اسم سماع بن عمرو كواحد من الشخصيات المؤثرة. وفقاً للتقاليد العربية القديمة، كان لسماع دور بارز في مقاومته الشديدة ضد عبادة الأصنام، بما فيها "سواع". يُعتبر هذا الحدث نقطة تحول هامة في التاريخ العربي المبكر قبل ظهور الإسلام.
وفق الروايات المتداولة، عاش سماع بن عمرو خلال فترة الجاهلية حيث كانت المجتمعات تعبد أصنام مختلفة مثل سواع، ويغوث، ونسر. لقد شعر سماع بإلحاح داخلي يقوده نحو رفض هذه الأديرة الوثنية التي لم ترضِ طموحه الروحي. بدلاً من ذلك، وجد نفسه مفتوناً بفكرة وجود إله واحد عليم وعادل وحكيم.
تقول القصص أنه ذات يوم، أثناء عودته إلى منزله بعد رحلة طويلة عبر الصحراء، شاهد سماع مجموعة من الناس مجتمعين حول ضريح كبير يحوي صنماً يدعى "سواع". يبدو أن هؤلاء الأشخاص كانوا يعبدون هذا الصنم معتقدين أنه مصدر الخير والنعم. لكن إيمان سماع الراسخ بالإله الواحد دفعه لاتخاذ قرار جريء ومخالف للعادة.
ببسالة نادرة، اقترب سماع من الضريح وهشم الصنم بسيفه. رد فعل الجمهور غضب شديد وتم القبض عليه بتهمة ازدراء الآلهة المحلية. ومع ذلك، عوضاً عن الخوف والتراجع تحت الابتزاز الاجتماعي والثقافي، ظل ثابتًا في موقفه متحدياً كل العقبات والعواقب المحتملة لتصرفاته البطولية.
قضية سماع أمام مجلس الحكم كانت محورية ليس فقط بسبب انتهاكه لعادات المجتمع ولكن أيضاً لأنها أثارت نقاشاً واسع النطاق حول فكرة الإله الواحد مقابل عبادة الأصنام المتعددة. رغم تعرضه للإساءة والإذلال، إلا أن شجاعة سماع وتأكيده الثابت على الحقائق التي يؤمن بها ترك انطباع دائم لدى الكثير ممن حضروا تلك المحاكمة.
على الرغم من النهاية المؤسفة لسماع بن عمرو -حيث مات نتيجة اعتداء جسدي شنّه بعض أفراد قبيلته- فقد ترك تأثيره تأثيرًا خالدًا في الثقافة العربية التقليدية وفي مسارات البحث الفلسفي والديني المستمر حتى اليوم. تشير هذه القصة إلى بداية مرحلة جديدة أكثر بحثًا عن المعرفة والفكر الحر وسط الظروف الاجتماعية القاسية آنذاك. إنها دعوة للاستقلال الفكري والشجاعة اللازمة لتحدي المفاهيم المقيتة والمُستَنسخة والتي قد تقيد الإنسان وتمنع تقدمه نحو الحقيقة.