بدأت الفلسفة الإسلامية في القرن الثاني الهجري (الثامن الميلادي) مع ظهور الترجمات من اليونانية إلى العربية، والتي شملت أعمال أرسطو وأفلاطون وغيرهما من الفلاسفة اليونانيين. هذه الترجمات كانت بمثابة نقطة انطلاق للفلاسفة المسلمين الذين بدأوا في دراسة هذه النصوص وتطويرها.
في المرحلة الأولى، والتي يمكن تسميتها بـ "الطور السينوي" نسبة إلى ابن سينا، تميزت الفلسفة الإسلامية بمزيج من الميتافيزيقا المستمدة من الأفلاطونية الجديدة، والعلم الطبيعي، والتصوف. هذا المزيج خلق فلسفة فريدة تجمع بين العلوم اليونانية والتفكير الإسلامي.
كان الفلاسفة المسلمون مثل الكندي والفارابي وابن سينا هم الرواد في هذه المرحلة. لقد قاموا بتحليل النصوص اليونانية وتفسيرها، كما كتبوا أعمالاً أصيلة تعكس تفكيرهم الفلسفي الخاص. على سبيل المثال، كتب ابن سينا كتاب "الشفاء" الذي يعتبر أحد أهم الأعمال الفلسفية في التاريخ الإسلامي.
في المرحلة الثانية، والتي يمكن تسميتها بـ "الطور الأندلسي"، ظهرت مدرسة فلسفية جديدة في الأندلس تحت تأثير ابن رشد. ابن رشد، المعروف أيضًا باسم "شاطر ابن رشد"، كان فريدًا في الجمع بين الفلسفة والشريعة الإسلامية. في كتابه "فصل المقال فيما بين الحكمة والشريعة من الاتصال"، حاول ابن رشد إظهار أن الفلسفة والشريعة متوافقتان، وأن الفلسفة يمكن أن تكون وسيلة لفهم الدين بشكل أعمق.
في هذه المرحلة، أصبحت الفلسفة الإسلامية أكثر تركيزًا على التفكير النقدي والتحليل المنطقي. كما شهدت هذه الفترة ظهور مدارس فكرية مختلفة مثل المعتزلة والاشاعرة، والتي أثرت بدورها على تطور الفلسفة الإسلامية.
بشكل عام، يمكن القول إن تطور الفلسفة الإسلامية كان نتيجة لعملية طويلة ومتعددة الأوجه، حيث جمعت بين الترجمة والتأمل الأصيل والتفكير النقدي. هذه العملية أدت إلى تكوين فلسفة فريدة تجمع بين العلوم اليونانية والتفكير الإسلامي، مما ساهم في تشكيل الحضارة الإسلامية وتأثيرها على العالم.