تحولات الرأي العام: دراسة حول تأثيرات وسائل التواصل الاجتماعي على تشكيل الرأي وتغييره

لقد أثرت وسائل التواصل الاجتماعي بشكل عميق على الطريقة التي يتشكل بها الرأي ويستجيب لها العامة، مما أدى إلى تحولات ملحوظة في كيفية تفاعل الأفراد مع ال

  • صاحب المنشور: التادلي بن تاشفين

    ملخص النقاش:
    لقد أثرت وسائل التواصل الاجتماعي بشكل عميق على الطريقة التي يتشكل بها الرأي ويستجيب لها العامة، مما أدى إلى تحولات ملحوظة في كيفية تفاعل الأفراد مع المعلومات وكيف يشكلون آرائهم الخاصة. من خلال قدرتها الفريدة على نشر الأخبار والآراء بسرعة وبشكل واسع، أعادت هذه المنصات تعريف دور الإعلام التقليدي وأصبحت حجر الزاوية في المشهد السياسي والثقافي اليومي.

التأثير الواسع لوسائل التواصل الاجتماعي

تعد شبكات التواصل مثل تويتر وفيسبوك وإنستغرام ومنصات أخرى بيئات ديناميكية حيث يمكن للأفكار والأخبار أن تنتشر بسرعة كبيرة عبر الشبكة الاجتماعية للفرد. وهذا يعني أنه حتى الأحداث البعيدة جغرافيا أو تلك المتعلقة بموضوع غير محدد قد تصبح محور اهتمام عام فورا. يُظهر هذا التحول كيف تلعب وسائل التواصل الاجتماعي دوراً رئيسياً في تحديد جدول الأعمال الإعلامي العالمي، غالباً بتجاوز الخطوط التحريرية للحملات الإخبارية التقليدية.

تشكيل الراي العام

أحد أهم العناصر في تأثير وسائل التواصل الاجتماعي هو القدرة التشغيلية لتشكيل الرأي العام. تُسهِّل المنصات الرقمية الوصول السهل والمباشر للمحتوى الذي يعزز وجهة النظر الشخصية، الأمر الذي يساهم في تغذية فقاعات المعلومات المحاطة بالرأي نفسه والذي يؤدي بدوره إلى تعزيز الاستقطاب بين الجماعات المختلفة ذات الآراء المختلفة.

على سبيل المثال، عندما تكون هناك قضية مثيرة للجدل - كالقضايا السياسية أو الاقتصادية العالمية – تستطيع منصات وسائل التواصل أن ترسم خطاً واضحاً بين مختلف وجهات النظر. الأشخاص الذين يشاركون نفس القيم أو المواقف سيجدون الآخرين ذوي الاهتمامات المماثلة بسهولة أكبر بسبب الخوارزميات التي تكافئ المشاركة والتفاعل. ولذلك، فإن هؤلاء المستخدمين ربما يستوعبون المزيد من التعرض لهذا الجانب الواحد من القصة، وهو ما يمكن أن يساعد في ترسيخ رأي أكثر تطرفًا أو تحدد فهمهم للقضية بطريقة أحادية الجانب.

تغييرات الرأي الناجمة عن وسائل التواصل الاجتماعي

في حين أنها فعالة للغاية في تثبيت الآراء، إلا أن وسائل التواصل الاجتماعي ليست أقل قوة في تغييرها أيضاً. يمكن لهذه الوسائط أيضا تقديم منظور جديد لجماعة واحدة لم تكن لديها رؤية له سابقاً. وهنا يكمن جانب آخر مهم للتغيير الدائم في الرأي العام؛ إنه ليس مجرد امتداد لما كان موجودا بالفعل ولكن أيضا تحوّل نحو شيء جديد تمامًا لم يكن متوقعاً قبل ظهور الإنترنت.

مثلاً، حملات حقوق الإنسان والإصلاح السياسي التي نشأت جزئيا بوسائل التواصل الاجتماعي تقدم أمثلة واضحة لكيفية قيام المجتمع المدني بإعادة صياغة السياسات الحكومية بناءً على ضغط الرأي العام المكتسب عبر الانترنت. كما اتاحتُ هذه الحركات الفرص أمام الأصوات المهمشة سابقا للإدلاء بأصواتها والإسهام بنظرة مختلفة ومختلفة مؤثرّة بشأن العديد من المسائل الشائكة سياسياً واجتماعيًا وثقافيًا عالمياً.

الاعتراف بالأخطار المحتملة

مع كل هذه الامتيازات الكبيرة، ينبغي لنا أيضًا الاعتراف بأن استخدام وسائل التواصل الاجتماعية له مخاطر محتملة متعلقة بالمعلومات المغلوطة والنظر إلى الأمور من زوايا منحرفة وغير دقيقة تاريخيًا وعلميًا. إن ميل الناس للعيش داخل "فقاقيع" معلومات مشابهة لأفكارهم وقيمهم الخاصة يمكن أن يؤدي إلى عدم وجود نقاش مفتوح وإلى استنتاجات خاطئة واحتمالات خاطفة قرارات استناداً لتحليل محدود ومتسرّع للأحداث بعيداً عما هي عليه حقائقها الموضوعية. لذلك يبقى مطلوباً مواصلة العمل بحثًا عن حلول تحقق توازن أفضل بين حرية التعبير واستخدام البيانات المكشوفة والتي يمكن مراعاة ذلك أثناء تصميم وصيانة خوارزميات مواقع التواصل الاجتماعي بما يحقق مصالح مشتركة لفائدة الجميع وليس لفائدة جماعة ضد الأخرى بحجة كونها أغلبية رافضة لرؤية أفكار جديدة أو قبول نقد الذات داخليا وخارجياً وذلك ضمن حدود الحفاظ علي السلام العالميين والسلم


عبدالناصر البصري

16577 مدونة المشاركات

التعليقات