يمثل سيدنا يوسف عليه السلام رمزًا للتوازن بين الرحمة والإرادة الإلهية؛ فهو قصة عزيمة وصبر وتسامح تقدم لنا درسًا عميقًا حول كيفية التعامل مع المحن والصعاب بطريقة تُظهر عظمتنا أمام الله سبحانه وتعالى. يُعدّ يوسف عليه السلام أحد أشهر الأنبياء ذوي المكانة الروحية العالية وفقًا للتوراة والإنجيل والقرآن الكريم. يرجع نسبه الجليل للنبي إبراهيم عليه السلام، مما يعكس مكانته الخاصة لدى الخالق عز وجل.
نبذة عن نسب ومكانته المباركة
يُعتبر يوسف بن يعقوب عليه السلام واحدًا من رجال الدين اليهودي القديم المعروفين بشجرة إبراهيم المقدسة. تتسم حياته بالإخلاص المطلق والتزام غامر بتعاليم الديانة اليهودية التي ورثها عن آبائه. ولد بالقرب من كنعان -حيث كانت تسكن أسرة ابراهيم-. عاش معظم شبابه وحياته العملية في مصر، لكن قلبه وروحه حافظتا دائمًا على روابط وثيقة برياض الوطن الأم "العراق". يحكي القرآن تأثر والديه الشديد به أثناء طفولته، خصوصًا بعد سماعه لروايته لرؤية مؤثرة وردت بشأن اعتراف أفراد عائلته بالسجود أمامه لاحقا خلال فترة حكمه لمصر.
رؤية المسيرات المستقبلية والتحديات المبكرة
من أهم لحظات هذا الرجل الطاهر رؤيته الحالمة والتي بدأت مسيرة حياته المضطربة منذ وقت مبكر جدًا. إذ تصور هلال الليل وكواكب مجمعة مجتمعة لتكون تحت سيطرته المباشرة. تناول أبيه هذه الوثيقة الشخصية بحذر ونصح بإبعاد الأمرعن الأشقاء الآخرين خشية الوقوع فريسة لعوامل شر ومكايد محتملة منهم. وقع مؤشر المصير عندما استدعاه أبوه للانتقال لمنطقة أخرى ضمن المناطق الفلسطينية، فعندئذ طارت الأحلام بسحب واقعية تاركة آثار هذه الواقعة المؤلمة بصورة واضحة للغاية. هنا بدأ الفصل الثاني الأكثر سوءً لحياة يوسف عليه السلام والذي يشكل جوهر نقطة التحول الفاصلة باستمرار رحلاته المتغيرة بشكل جذري لأحداث مثيرة للحيرة ومحفزة للأذهان.
محاكمات متوالية وآفاق مفتوحة للنمو الشخصي
تبعت التجربة الأولى العديد من المواقف التي دفعت شخصية النبي نحو مراحل أعلى بكثير من الثبات الداخلي والثقة باختيار القدر الإلهي مهما بلغ الظلام حوله؛ أولها وضع الطفل داخل بئر بواسطة أشقائه بهددهم الكبير تجاه الأخ غير الشقيق المفضل لدي والديهما حسب معتقداتهم آنذاك. وبعد مرور سنوات عدّة انتشل فريق آخر نفس الفتى المسكين واستخدمونه كتاجر عبيد يعود ملكيته مباشرة للسيد المصري الذي أصبح فيما ماضي الزمن معروف باسم العزيز . وهناك واجه تحديًا خارجيًا جديدا حيث عرض زوجته نفسها المغرية للوقوع ضحية شهوات الحياة وزينة الدنيا مقابل سلطة عالية المنصب وقدر كبير مطلوب لتحقيق الانشراح العمومي لصالح بلاده تحت نظر مباشر منها.. ومع ذلك فضّل عدم قبول طلباتها الغريبة مُستخدماً معرفته بالتوجيه الرباني كمصدر إلهام لحماية نفسيته ضد تأثير عوامل خارجية ضد مشيئة رب العالمين .. فلطفه برحماته جعله يفلت مرة ثانية من مصيدة جديدة تمام الاختلاف!! ليسجل بذلك بداية حقبة هائلة مليئة بكل ألوان التجارب الأخرى سواء تعلقت بالمكوث المحافظ لسجن مدته عدة اعوام بلا سبب واضح لإدانته وإنتهى أخيرا بافتتاح ابواب الحرية بإطلاق سراحة وظيفياً كيصبح المسؤول الوحيد عن كافة موارد البلاد المالية العامة إضافة لمهام اخرى ذات علاقة بخزان المال والنعم الحيوية للشعب بغض النظر عن جنسيته المختلفة! إنه بدون شك مثال رائع لكل شخص يحتاج لاستعادة عافيته النفسية وسط عالم مليء بالحروب والخراب والأزمات الإنسانية اليومية... إنها قدرته الاستثنائية على تجاوز العقبات الاجتماعية والفردية والتكيف بسرعة مذهلة مع بيئات اجتماعية متنوعة تميزت جميعها بالتحفظ والكراهية لفترة طويلة قبل ان يستعيد مكانه الطبيعي بجوار نبع عطائه السابق!