الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
سجود الشكر هو عبادة مستحبة في الإسلام، حيث يُسن للمسلم أن يسجد سجدة شكر لله تعالى عند تجدد نعمة أو اندفاع نقمة، وذلك تذللًا بين يدي الله تعالى وشكرًا له على نعمه. وقد وردت أحاديث نبوية تدل على مشروعية سجود الشكر، منها ما رواه أحمد والترمذي عن عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه قال: "سجد النبي صلى الله عليه وسلم فأطال السجود ثم رفع رأسه، فقال: إن جبريل أتاني فبشرني فسجدت لله شكراً".
كما ورد في الحديث الذي رواه البيهقي -وأصله في البخاري- عن البراء بن عازب رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث عليًا إلى اليمن فذكر الحديث قال: فكتب علي بإسلامهم فلما قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم الكتاب خرَّ ساجداً شكرًا لله تعالى على ذلك.
وعن عمر رضي الله عنه أنه سجد حينما جاءه فتح من قبل اليمامة، وسجد أبو بكر حينما جاءه خبر قتل مسيلمة الكذاب، وسجد علي حين وجد ذا الثدية بين قتلى الخوارج.
أما بالنسبة لسجود الشكر بعد الصلاة، فقد ذهب جمهور أهل العلم إلى أنه لا بأس به، بشرط أن يكون بعد انتهاء الصلاة مباشرةً، دون أن يكون ذلك بدعة أو مخالفًا للشرع. وقد ذكر ابن قدامة في المغني: "ويسن سجود الشكر عند تجدد النعم العامة أو الخاصة، وعند اندفاع النقم العامة أو الخاصة، لحديث أبي بكرة رضي الله عنه".
ومن المهم أن نلاحظ أن سجود الشكر ليس صلاة كاملة، بل هو سجدة واحدة تشرع عند حدوث نعمة أو اندفاع نقمة. ولا يشترط للقيام بسجود الشكر الطهارة أو استقبال القبلة أو ستر العورة، كما هو الحال في الصلاة النافلة.
وفي الختام، نسأل الله أن يوفقنا جميعًا لشكره وعبادته حق عبادته، وأن يجعلنا من الشاكرين لنعمه الظاهرة والباطنة.
