في ظل تنوع الآراء الفقهية حول مسألة الاحتفال بذكرى الزواج، يمكننا استخلاص رأي وسط بين الفريق المؤيد والمعارض. إن ذكرى انعقاد عقد الزواج هي مناسبة تستحق الاعتراف بها والشكر لله عليها، لما تحمل من أثر كبير على حياة الزوجين. يقول تعالى في سورة الروم "وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا" [الروم :21]. وهذا يدل على أهمية العلاقات الزوجية ومكانتها في التشريع الإسلامي.
يشدد البعض من العلماء على الحذر من تقليد الشعوب الأخرى والتعامل مع هذه المناسبات كطقوس قديمة لم تكن معروفة زمن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه الكرام. ويستندون إلى حديث الرسول الكريم حيث يقول: "من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد". ومع ذلك، فإن العديد من العلماء المعاصرين ينظرون لهذه المسألة نظرة أكثر مرونة. فهم يعتبرون أن الاحتفال ذكرى الزواج هو فعل دنوي محض، مرتبط بالحياة الشخصية للعروسين فقط، ولا يحمل طابعاً دينياً مباشراً. وبالتالي، فهو مختلف بشكل أساسي عن الاحتفالات ذات الطابع الديني المباشر والتي يتم تنظيمها داخل المجتمع الإسلامي نفسه.
إن جوهر الأمر يكمن في غياب التعبد أو عبادة غير الله في هذه المناسبات، وعدم وجود تعارض واضح بينها وبين الأحكام الشرعية. فالرسالة الأساسية للإسلام تدعم بناء علاقات صحية وسعيدة قائمة على الحب والاحترام المتبادل ضمن نطاق شرعي. لذا، فإن تبادل الهدايا والاستمتاع بالأوقات الخاصة بين الزوجين ليست محظورة بشكل عام، بل أنها تعد جزءاً مشروعاً من الحياة الاجتماعية والعائلية المستقرة والمقبولة وفقاً للتوجهات العامة للشريعة الإسلامية.
وفي النهاية، إذا تم التأكد من عدم وجود عناصر بدعية أو مخالفات شرعية خلال الاحتفال، فقد يكون للزوجين حرية اختيار طريقتهم الخاصة لإظهار تقديرهما لنعمة الزواج التي وهبها الله سبحانه وتعالى لهما. وفي الوقت ذاته، يستمر العمل على تثقيف أفراد المجتمع حول أهمية احترام الهوية الإسلامية والدينية أثناء مشاركة اللحظات السعيدة مع الآخرين.