يعود الاختلاف بين الفقهاء إلى مجموعة من الأسباب المتنوعة، والتي يمكن تصنيفها إلى عدة فئات رئيسية. أولاً، قد ينشأ الاختلاف بسبب عدم وصول الدليل أو فهمه بشكل صحيح، كما حدث بين الصحابة رضوان الله عليهم. فعلى سبيل المثال، لم يكن عمر بن الخطاب رضي الله عنه يعلم آداب الاستئذان حتى أخبره بها أبو موسى الأشعري.
ثانياً، يمكن أن يحدث الاختلاف نتيجة تعارض الأدلة. حتى لو ثبت الدليل، فقد يتعارض مع دليل آخر، مثل تعارض العام مع الخاص، أو المطلق مع المقيّد، أو الحقيقي مع المجاز. يمكن حل هذا التعارض من خلال الجمع بين الأدلة، أو تخصيص العام أو تقييد المطلق، أو اللجوء إلى النسخ إذا لم يكن هناك جمع ممكن.
ثالثاً، الاختلاف في القواعد الأصولية يلعب دوراً هاماً في اختلاف الفقهاء. حيث يعتمد كل فقيه على قواعد أصولية مختلفة في استنباط الأحكام الفقهية.
رابعاً، آداب الاختلاف تلعب دوراً أساسياً في الحفاظ على وحدة المسلمين وتجنب الفرقة. يجب أن يكون الاختلاف محملاً بإخلاص النية لله، واحترام آراء الآخرين، وحفظ اللسان، والتحلي بالصبر والتسامح.
على الرغم من وجود اختلافات فقهية فرعية، إلا أن الدين محفوظ من الله تعالى بقواعده وأصوله. هذا الاختلاف لا ينافي حفظ الدين، بل يوفر سعة للمسلمين ويمنع التضييق عليهم في الأحكام الفقهية.
بهذا، نرى أن أسباب اختلاف الفقهاء متعددة ومتشعبة، ولكنها لا تتعارض مع حفظ الدين الإسلامي.