الحمد لله، الحج عن الميت هو موضوع ذو أهمية كبيرة في الفقه الإسلامي، حيث يختلف الفقهاء في وجوب الحج عن الميت. وفقًا للرأي الراجح، فإن الميت المسلم البالغ العاقل الذي لم يتمكن من أداء حجة الإسلام لفقد شروط الاستطاعة يجب ألا يحج عنه أحد، سواء من ورثته أو من غيرهم، إلا إذا كان ذلك تطوعًا.
إذا كان الميت قد استقر وجوب الحج عليه ولم يحج، فقد اختلف أهل العلم في وجوب الحج عنه. أبو حنيفة ومالك يقولان: لا يحج عنه إلا إذا أوصى به، ويكون تطوعًا. بينما الشافعي وأحمد يقولان: يجب الإحجاج عنه من تركته، سواء فاته الحج بتفريط أو بغير تفريط، وسواء أوصى به أم لا. هذا المذهب الأخير هو الراجح إن شاء الله، لما رواه البخاري وغيره عن ابن عباس رضي الله عنهما أن امرأة من جهينة جاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: إن أمي نذرت أن تحج فلم تحج حتى ماتت، أفأحج عنها؟. قال: "نعم حجي عنها، أرأيت لو كان على أمك دين أكنت قاضيته؟ اقضوا الله، فالله أحق بالوفاء".
إن الحج حق استقر وجوبه على الميت وتدخله النيابة، فلم يسقط بالموت كالدين، ويكون ما يحج به من جميع ماله لأنه دين مستقر، فكان من جميع المال كدين الآدمي. فإن لم يكن له تركة بقي الحج في ذمته، ولا يلزم ورثته الحج عنه، لكن يستحب لهم ذلك.
إذا كان الورثة رضوا بالحج عن الميت من مالهم الخاص أو من مالهم المشترك مع غيرهم، فيجوز ذلك. أما إذا كان الحج عن الميت من مال الميت نفسه، فلا يجوز إلا إذا أوصى بذلك في حدود الثلث.
في الختام، يجب التأكيد على أن الحج عن الميت هو عمل تطوعي مستحب، وليس واجبًا إلا في حالة الوصية أو رضا الورثة. والله أعلم بالصواب.