في مسألة حكم الصلاة خلف المأموم، اختلف العلماء إلى قولين رئيسيين. ذهب المالكية وجمهور الحنابلة وبعض الشافعية إلى القول ببطلان الصلاة خلف المأموم، مستندين إلى أن المسبوق في الصلاة لا يمكن أن يكون إماماً لمن يريد الصلاة خلفه، لأنّه مأموم ارتبطت صلاته بصلاة إمامه. وبالتالي، تكون الصلاة خلف المأموم المسبوق باطلة عند أصحاب هذه المذاهب.
ومن جهة أخرى، أجاز جماعة من أهل العلم الصلاة خلف المأموم المسبوق، وهو الرأي الصحيح من مذهب الشافعية وبعض الحنابلة. وقد رجّح هذا القول جمع من المحققين، مستندين إلى أن المسبوق بعد انقطاعه عن إمامه في الصلاة يصبح منفرداً يريد قضاء ما فاته من الركعات، وبالتالي يجوز للمسلم أن يقتدي به كونه منفرداً في هذه الحالة. والدليل على ذلك أنّه لو سهى في صلاته لزمه أن يسجد للسهو، ولا يكون على إمامه شيء.
وقد ذهب العلامة الشيخ ابن باز رحمه الله إلى جواز صلاة المسلم خلف المسبوق، فمن دخل المسجد فوجد مسبوقاً يكمل صلاته، أو رجلاً يصلي وحده بعد انتهاء الإمام من صلاته، فإنّه يجوز له حينئذ أن يقف على يمين المسبوق أو الذي يصلي وحده، فيصلي معه تحصيلاً لأجر الجماعة. وقد جاء في الحديث النبوي: "أنه صلى اللهُ عليهِ وسلَّمَ رأى رجلًا يصلي وحده ، فقال : ألا رجلٌ يتصدقُ على هذا فيصلّي معه".
وفيما يتعلق بصلاة الجمعة، إذا دخل المسلم المسجد في أثناء صلاة الجمعة فوجد رجلاً يقضي صلاته فإنّه يجوز له أن يصلي معه الصلاة على أن يصليها كصلاة الظهر أربع ركعات، ذلك أنّ صلاة الجمعة لا تُدرك بأقلَّ من ركعة فمن جاء في التشهد الأخير، أو السجدة الأخيرة في الركعة الثانية فإنّه يصلي الجمعة ظهراً.
وبناءً على ما سبق، فإنّ القول بجواز الصلاة خلف المأموم المسبوق هو الأقرب إلى الصحة والرجحان، مع مراعاة أحكام كل مذهب في هذا الشأن.