الماء، هذا العنصر الحيوي والأساسي للحياة على الأرض، لم يغب عن اهتمام الدين الإسلامي وسلط الضوء عليه بشكل موسع في القرآن الكريم. وفقاً لقول الله تعالى في سورة الأنبياء (21/30): "وجعلنا من الماء كل شيء حي"، يؤكد القرآن على أهمية الماء باعتباره العمود الفقري للحياة بكل أشكالها.
في عدة مواضع، يتحدث القرآن عن الماء كعامل أساسي في خلق الكون. يقول الله عز وجل في سورة النازعات (79/30): "أم من يبدؤ الخلق ثم يعيده". هنا، تشير الآية إلى كيفية ظهور الماء نتيجة لتغيرات درجة الحرارة خلال عمر الأرض، مما أدى إلى عملية التبخير والتكاثف التي أدت بدورها إلى تشكيل الغلاف الجوي الحالي وتحقيق توازن طبيعي للأرض.
كما أكدت النصوص الدينية الإسلامية على دور المياه في تنظيم واستدامة البيئة، موضحة كيف أنها تنزل حسب تقدير الله ومشيئته. هذا التركيز على تدبير الطبيعة يظهر بوضوح في قوله تعالي في سورة الأعراف (7/58): "هو الذي أنزل من السماء ماء لكم منه شراب ومنه شجر فيه تسيمون".
إذا نظرنا إلى الجوانب المتعددة لإدارة المياه، يمكننا أيضًا رؤية آثار الفهم العميق للإسلام لهذا الموضوع منذ القدم. فعلى سبيل المثال، اعتبر المسلمون القدماء الوصول إلى المياه عاملاً رئيسياً عند اختيار موقع للاستيطان؛ فهم ينشدون مناطق ذات موارد مائية وفيرة لضمان حياتهم اليومية وضمان الأمن الغذائي والاستقرار الاقتصادي.
وفي ضوء ثروة الفقراء غالبًا بالمياه، تحتفل الثقافة الإسلامية بمبدأ العدالة الاجتماعية والمشاركة، وهي قيمة مستمدة مباشرة من التعاليم الدينية. وبالتالي، يتم التشديد على ضرورة الاعتزاز بما بين أيدينا وعدم تضييعه بدون سبب. وهذا التأكيد على أهمية المياه كمصدر أساسي للرخاء الإنساني هو جزء مهم من رسالة السلام التي تحملها الديانة الإسلامية للعالم.
وأخيراً وليس آخراً، يستخدم المفسرون الإسلاميون قرآنياً مصطلح "الهلاك" عندما يتعلق الأمر بالسلب السلبي للتغير المناخي المرتبط بالمياه، مثل الفيضانات المدمرة كما حدث لقوم نوح عليهم السلام. ولكن هناك منظور أكثر ايجابية أيضا مرتبط بإمكانيات الخير الهائلة لهذه الموارد عندما تُدار بطريقة مسؤولة. فالماء ليس فقط مورد حاجة بل إنه رمز للنعم الإلهية ونعمة تستحق الشكر والإشادة.