يلتزم الإسلام بمبدأ احترام جميع الأديان والثوابت الروحية لدى البشرية جمعاء. يعود ذلك بشكل أساسي لاعتبارات عدة، منها تعريف الدين نفسه في القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة. يُعرَّف الدين بأنه انقيادٌ وطاعة تجاه الذات المقدسة، بغض النظر عن طبيعتها. هذا التعريف الواسع يشمل كافة الأنظمة العقائدية الموجودة منذ القدم حتى اليوم، بما فيها الأديان الإلهية والأديان البنيوية المنشأة حسب الزعم البشري. وهذا يؤكد مرونة وفهم الإسلام المتسامح للأديان الأخرى، وهو الأمر الذي تجده واضحاً عبر العديد من القوانين والشرائع داخل النص القرآني والحديث النبوي.
إن أحد أهم جوانب احترام الأديان في الإسلام يتمثل في الاعتراف بالإيمان برسالة كل نبي وأتباع دياناته. فقد أكد الإسلام إيمان المؤمنين بكل رسل الله وأنبيائه الذين جاءوا قبل النبي محمد صلى الله عليه وسلم. هذه الفكرة ليست مجرد عقيدة خالصة ولكنها تشكل جوهر العلاقات الاجتماعية أيضًا داخل مجتمعات المسلمين خارج حدود الدول الإسلامية. إن respect for other religions ليس مجرد سياسة خارجية فحسب ولكنه نظام داخلي للحكم والعلاقات الإنسانية.
وفي سياق مماثل للإيمان بجميع الأنبياء، فإن الإسلام يحترم تمامًا حرية اختيار الناس لدينهم الخاص ولذلك نهى عن إرغام الآخرين على تغيير معتقداتهم بالقوة ("لا إكراه في الدين"). وبالتالي، يضمن النظام القانوني الإسلامي حماية الأشخاص الذين لا ينتمون للدين الإسلامي ويضمن لهم الحرية في القيام بطقوسهم الدينية بحرية كاملة وكذلك تأمين ممتلكاتهم وكسب رزق حياتهم بدون أي شكل من أشكال الضرر أو المعاملة العنيفة. بالإضافة لذلك، يمكن لأصحاب الديانة الأخرى الاختيار فيما بين مهن مختلفة ضمن الاقتصاد المحلي تحت حكم دولة مسلمة باستثناء فقط المناصب الرسمية المرتبطة مباشرة بالنظام القانوني الديني كالمدير العام للقضاء مثلاً والذي غالبًا يكون حصراً لمن يعملونه مسلمًا.
ومن منظور أخلاقي وروحي عميق، يعتبر الاسلام دين تسامح شامل ومتنوع يحتفل بتعدد الآراء والفكر بدل فرض طابع واحد ثابت وثابت. إنها دعوة لكل فرد ليختبر رحلة البحث الروحي الخاصة بها وفق فهمها الشخصي للعلاقة مع الرب سبحانه وتعالى. هكذا، يكرس الإسلام مكانة فريدة للأديان الأخرى باعتبارها شركاء رئيسيين في مشروع عالم أكثر سلام وصحة وعزة.