فيما يتعلق بموضوع حساسية الأخذ من مال الصدقة والوقف، فإن الشريعة الإسلامية نظمت هذه المسألة بحكمة وتدقيق لتجنب الوقوع في الشبهات والمخالفات المالية. يمكن تقسيم الحكم حول هذا الموضوع إلى قسمين رئيسيين بناءً على طبيعة الشخص المعني بالأمر وكيفية ارتباطه بالمال المنقول.
القسم الأول يشمل الأشخاص المكلفون بتوزيع الصدقات والوقف، سواء كانوا مؤسسات رسمية أو أفراد موكلين بهذا الدور. هنا، يوافق جميع علماء الدين على عدم جواز أخذ هؤلاء الأفراد من تلك الأموال. وذلك بناءً على مبدأ أن أداء الواجب في دفع الصدقات والفروض الأخرى هو واجب عليهم، وليس لديهم الحق في اعتبار أنفسهم عمالاً لهذه الأعمال الخيرية. لذلك، يحظر شرعاً أخذ أصحاب الصدقات أو وكلائهم منها.
أما بالنسبة للقسم الثاني الذي يندرج تحت بند "العامل" في سياق إدارة الأملاك العامة والدخول فيها، فهناك اختلاف بين فقهاء المذاهب المختلفة. بينما رأى بعض العلماء مثل المالكية بأنه بإمكان الوكيل الذي تحتاج إليه الصدقة أن يأخذ منها بشرط معلوم ومحدد بشكل صحيح، رفض آخرون كالحنابلة هذا الرأي وشددوا على حرمة أخذ الوكيل حتى لو كانت هناك حاجة ملحة له.
وفي حالة احتفاظ شخص بما ليس من حقه من أموال الصدقة والوقف، فهو مطالب بالتوبة الصادقة والكشف عما ارتكبه مقابل إعادة الحق لأصحابه الأصليين. وفي ظل الشعور بالقرب من الوقوع في مخاطر مثل هذه المواقف مرة أخرى، يعد ترك التعامل مع مثل هذه المسؤوليات للتبرعات خير طريق للحفاظ على النقاء الروحي والثبات أمام التجارب المحرجة المتعلقة بالماديات.
إن احترام الحدود القانونية التي وضعها الدين الإسلامي تجاه أموال الزكاة والصَّدَقات يساعد في ضمان استخدامها بطرق فعالة وبشكل مستدام لتحقيق المصالح الإنسانية والقيم الاجتماعية المرتبطة بها.