في هذا اليوم العظيم، يوم الجزاء الأخير، تظهر رحمة الله الشاملة لكل خلقه بشكل واضح وجلي. إن مظاهر هذه الرحمة يمكن مشاهدتها عبر عدة جوانب رئيسية تتجلى فيها العناية الربانية بالإنسان رغم خطاياه وزلاته. أولاً، يروي القرآن الكريم قصة فرعون عندما رمِيَ إلى قعر البحر وأُنقِذ لاحقًا، مما يدل على أنه حتى الأشخاص الأكثر كفرًا وظلمًا يمكن لهم الخلاص بإرادة الله وحكمته.
ثانيًا، هناك مشهدٌ آخر مذكور في الحديث النبوي حول الرجل الظالم لنفسه والذي سيتلقى عقابَه ثم يُطلق بعد ذلك للسماء حيث تطهر روحَه وتتوب له ربوبيّة الرحمن. وهذا يشجع المؤمنين بأن باب التوبة مفتوح دائمًا أمام كل عبيد الله مهما بلغت ذنوبهم.
وفي سورة غافر الآيات 19-22، نجد مثالاً راقيًا للرحمة الالهية حين يتم منح الفرصة لعبد صالح للتأكد من خلو قلبه حقّاً من الغرور والاستكبار قبل دخوله الجنة؛ فالله سبحانه وتعالى ليس فقط القاضي العادل ولكنه أيضًا مصدر المحبة والعطف.
كما تُبرز قصص الأنبياء مثل نوح وإبراهيم ومحمد صلى الله عليه وسلم كيف كانت دعوتهم موجهة نحو الانسانية جمعاء وليس مجرد قبائل محددة. إنها رسالة واضحة مفادها أن سعادة البشر كافة هي هدف سامٍ لدى رب العالمين.
وأخيراً، لو نظرنا إلى آيات رحمانيّة أخرى كتلك الموجودة في سورة الأنعام الفصل السادس عشر, سنرى أنها تشدد كذلك على مبدأ المغفرة والتسامح عند الباري عزوجل قائلاً " ولولا فضل الله عليكم ورحمته ما زكا منكم من أحد أبداً ولكن الله يزكي من يشاء". وهذه تبشر المسلمين بأنه بغض النظر عن كمية الخطايا المرتكبة هنالك دائماً طريق للمصالحة مع الحق والخالق جل جلاله.
بهذا المنظور الواسع لرمزيتها الروحية والمعنوية، تصبح فهمات قدرة الرحمن وسعتها أكثر تجليا وشديد التأثير للعقل والقلب للإنسان المسلم بالخصوص والمؤمن عموما.