في رحاب الإسلام العظيم، يُشير القرآن الكريم والسنة النبوية إلى ثمانية أبواب للجنّة كل منها تحمل اسمًا خاصًا يعكس جوهر الفضل والمكانة التي تحظى بها هذه الأبواب في الآخرة. إن معرفتنا بتلك الأسماء ودلالاتها يمكن أن تعزز إيماننا وتزيد من حثّنا نحو الأعمال الصالحة التي تؤدي بنا إليها. هنا نستعرض أسماء أبواب الجنّة وما قد يرمز إليه كل باب من هذه البوابات الشريفة:
- باب الريان: هذا الباب هو بوابة خاصة للمصليين الذين يؤدون الصلوات الخمس بإخلاص. كما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "إن أول أبواب الجنة التي يدخل منها العبد يوم القيامة باب الريان" [رواه مسلم]. فالصلاة هي عمود الدين وهي مفتاح لأعظم نعيم الجنان.
- باب الصلاة: وهو مخصص لدخول المؤمنين الذين كانوا يصومون شهر رمضان كاملاً ويصلّون فيه قيام الليل بإتقان وكامل خشوع وحضور قلبي. فقد ورد في الحديث القدسي: "لله تسعة وتسعون رحمة، قسم سبعين لنفسه واثنتين جعل لهما في الدنيا بين خلقه، وبقي واحدة فيها يعذب بها من يشاء". وفي الرواية الأخرى: "...قسم اثنتين لنفسه..."، فأما الاثنتان فتكونان لكل الناس حتى يوم القيامة، فإن استغفرت الإنس والجن دخلوا جميعا الجنة إلا من كان له في الأرض شرك". [رواه البخاري ومسلم] فهذه الرحمة الواحدة تشمل صلة القرباء وصلة الرحم وغيرهما مما ينفع في الدنيا والأخرى. إذن فهو باب ليس فقط للعابد ولكن لمن وصل ذوي قرباه وحفظ روابط المحبة والعطف الاجتماعية أيضًا.
- باب الزكاة: وهناك أيضا باب الزكاة، ولا يقول أحد ما معنى ذلك لأن الحق واضح فيما جاء في الحديث السابق حول قسم الرحمن التسعين ولأن جزءاً كبيراً من أعمال البر المنشود اليومي متضمن ضمن عبادات مثل فرض زكات المال والصلاة النافلة والتصدق بالأيدي والمعونة على الفقراء حسب الطاقة والاستطاعة. لكن هناك تفاصيل دقيقة تتعلق بالعمل الخيري تسمح بفهم آفاق واسعة لهذه المساعي الطيبة والتي تجسد روح الإيثار والإحسان بلغة عملية مستدامة عبر المجتمع ككل. وهذا دليل آخر على أهمية التعاطف الاجتماعي ومشاعر المواطنة الحسنة داخل مجتمع المسلمين وذلك بما يحقق العدالة الاجتماعية وينشر الخير والخلق الحميد بالإنسانية جمعاء.
- باب الصدقة: وقد ذكر الترمذي وابن ماجه عنه صلى الله عليه وسلم انه قال:" «ليس شيء أثقل في الميزان من حسن الخلق»، فقال رسول الله -صلّى الله عليه وسَلَّم-: "ولا النفقات ولو كنتُ أبغي أن أخذ بهذا الأمر شيئًا لاكتبت إحدى عشرة خصلة...». فالصدقة تعتبر هنا رمزًا للإنسان الذي يستخدم مداخيله لتعمير بيئة اجتماعية غنية بالمودة والكرم وجودة الحياة طوال الوقت وليس مجرد دفعات مقتصدة خلال مواسم الجمعيات الخيرية الموسمية. إنها تذكير بأن الرعاية المستمرة للأحوال الصحية والحاجات العامة يلعب دور بارز تجاه تحقيق سلام داخلي شخصي وعلاقات اخوّة سامية تجمع الجميع تحت مظلة الأخلاق والقيم المثلى المشتركة لمجتمع صالح سعيد القلب حقًّا.
- باب الصَّادقين: إنه طريق الدخول الخاص بأصحاب الصادقين الذين تمسكوا بحقيقة عقيدتهم ولم يخالفوها مطلقًا، وهم ملازمون للحقيقة بالحياة الواقعية أيضاً دون رياء وخوف لومة لائم وسريرة ممتلئة بالتزام صادق برسالات الرسول محمد بن عبدالله المصطفى –اللهم اجعلها لنا ولكم نورا ونورًا-.
- باب المجاهدين: أما بالنسبة للجهاد فهي مصطلحات ذات بعد معنوي وفكري كبير فضلا عن معناها التقليد الشائع المعروف والذي يعني العمل العسكري ضد الظلم واستعادة حرية الشعب المسلوب حقوقه بشرف وإباء وشرف مهيب وجليل الوقار ...فهذا النوع الأخير يسمى جهاد النفس وجهاد الأهواء والشيطان لتحقيق رضا الرب عزوجل واقتداء بهديه جل وعلى؛ وإنما يتم تكريم هؤلاء الأفراد باعتبارهم نماذجي مثال للسلوك الراغب دوما في مصاف الإنجازات العملية والمادية للقضايا الهامة المرتبطة بدينه ودنياهما برفعه ويعلو رفعه مرتقى أعلى مراتب درجات جنانه وفق تواتر الأدلة الشرعية ذات السياقات المختلفة المبينة لذلك المدلول العام لهاته المفردة الغالية عند أهل السنة والجماعة خصوصا .
- باب العائذين: وهنا باب محمي لحماية الأشخاص الهاربين من بطش الطغيان العالمي المنتشرة بكافة أشكالها الحديثة القديمة سواء كانت سياسية أم اقتصادية أم ثقافية...الخ؛ فهم يأتون طلبـًا لدرء المكائد السياسية المضادة لهم ممن عبث بهم القدر وظلموه بسبب اعتناق دين جديد عليهم بكل بساطة ! فموت أولئك القرناء بمطاردهم عند تلك اللحظة يعد نهائي وقرار إداري غير قابل للتغيير لاحقا.. وهذا يقين ديني قطعي يحتاج لبذل المزيد جهود التربية والتعليم بغرض تنمية الولاء المهذب للدولة الأوروبية والدفاع عنها بشرعية القانون والحقوق العالمية!
8. باب الرجاء والثقة بالقضاء والقدر. وأخيراً باب الأمل العميم حيث تدخل منه الجموع الضخمة بثقتها بقضائه سبحانه وتعالي وقدره العزيز القدير وانقلاب حال البشر الأعزل لإرادتها الشخصية حين يصل الأمر لصالح ملكوت السماوات والأرضيين...هذا التصريف المقدور أمر منزّلٌ بواسطة قدرته الذاتية مصدر التشريع قبل خلق آدم وبعد قبوله للهداية والاستجابة لدينا مباشرة بلا واسطة بشرٍ تستطيع التأثير عليها مقداره سبحانه وتعالى!!