الحمد لله الذي أنزل القرآن هدىً للناس، وجعل فيه الأدعية التي هي من أفضل الذكر. إن جمع الأدعية القرآنية ونشرها بين الناس أمر مشروع، حيث يمكن أن يستفيد منها من لا يحفظون القرآن الكريم. فما ورد في القرآن من الأدعية لا يخلو من أن يكون دعاء علمه الله لأحد رسله أو أحد عباده الصالحين، أو أن يكون دعاء حكاه الله عن أحد أنبيائه أو أحد عباده الصالحين، وحكاية القرآن لهذا تفيد إقراره ومشروعيته.
ومن الأدعية المأثورة في السنة النبوية ما رواه البخاري ومسلم عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه، حيث قال: "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم طرقه وفاطمة بنت النبي عليه السلام ليلة، فقال: ألا تصليان؟ فقلت: يا رسول الله، أنفسنا بيد الله، فإن شاء أن يبعثنا بعثنا، فانصرف حين قلنا ذلك ولم يرجع إلي شيءًا، ثم سمعته وهو مائل يضرب فخذه، وهو يقول: وكأن الإنسان لم يكن قط". وهذا اقتباس من الآية الكريمة "وكأن الإنسان لم يكن قط" [الكهف: 54].
كما اقتبس السلف الصالح من القرآن في أدعيتهم، مثل ما رواه البخاري عن هزيل بن شريحيل، حيث قال: "سئل أبو موسى عن بنت وابنة ابن واخت، فقال: للبنت النصف، وللأخت النصف، واذهب إلى ابن مسعود، فسيتبعني. فسئل ابن مسعود، وأخبر بقول أبي موسى فقال: لقد ضللت إذًا وما أنا من المهتدين، أقضي فيها بما قضى النبي صلى الله عليه وسلم: للبنت النصف، ولابنة ابن السدس تكملة الثلثين، وما بقي فللأخت". وهذا اقتباس من قول الله تعالى: "قل لا أتبع أهواءكم قد ضللت إذًا وما أنا من المهتدين" [الأنعام: 56].
وفيما يتعلق باقتباس نفس الدعاء الوارد في القرآن ودعاء الله به، فهذا أمر شائع ومقبول أيضًا. ومن الأدعية التي أثنى الله على عباده المؤمنين بها ما ورد في قوله تعالى: "ومنهم من يقول ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار" [البقرة: 201].
وبناءً على ما سبق، يجوز لك بعد ختم القرآن أن تقول: "اللهم ارحمني وارحم المسلمين والمسلمات بالقرآن، واجعله لي وللمسلمين والمسلمات إمامًا ونورًا، وهدى ورحمة. اللهم ذكّرني وذكر المسلمين والمسلمات منه ما نسينا، وعلمنا منه ما جهلنا، وارزقنا تلاوته آناء الليل وأطراف النهار، واجعله لنا حجة يا رب العالمين".
وفي الختام، فإن اقتباس الأدعية من القرآن ونشرها بين الناس أمر مشروع ومستحب، بشرط عدم تغيير معانيها أو إضافتها إلى غير ما ورد في القرآن الكريم.