يعتبر جبل عرفات، الواقع بمكة المكرمة، مكانًا ذا أثر روحي عميق بالنسبة للمسلمين حول العالم. يُطلق عليه أيضًا اسم "مكان الوصل" لأنه موقع مقدس يجمع ملايين المسلمين خلال فريضة الحج سنويًا في اليوم التاسع من شهر ذي الحجة. إنه ركن أساسي للحج يكمل الطواف حول الكعبة المشرفة والاستلام في مزدلفة.
اسم "عرفة" له جذوره التاريخية الغنية. وفقًا للروايات الإسلامية التقليدية, جاء جبريل عليه السلام بإبراهيم الخليل فأرشده قائلاً: «هنا مكان طواف البيت، وهناك الركن اليماني»، فرد إبراهيم بفهم وإقرار: «عرفته». ومن هنا اشتقت التسمية. ومع ذلك، هناك تفسيرات أخرى قديمة تشير إلى الاجتماع لأول مرة للإنسان آدم مع زوجته حواء تحت ظلال الأشجار, مما جعل المكان رمزا للتسامح والتقدم الروحي.
أما فضائل يوم عرفة فهي غير محدودة بحسب العقيدة الإسلامية. أولاً, قرَّب الله تعالى الدين في هذا اليوم المبارك كما ذكر القرآن الكريم: «اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا» (المائدة: ٣). ثانيًا, يعد يوم عرفة أحد أيام التشريق الثلاثة التي قسم الله عز وجل نفسه فيها, مؤكدًا عظمه وتعاليه. ثالثًا, يصنف يوم عرفة بأنه أكثر الأيام قبولًا لدى رب العالمين، إذ يباهي الله جل شأنه بكل أعمال عباده الحسنى أمام الملائكة المقربين له. أخيرا وليس آخرا, يعرف يوم عرفة بأنغام المغفرة والعفو والنور المؤدي لطريق الحق والسعادة الدائمة. إنها فرصة لكل مسلم لتجديد إيمانه واستعداد قلبه ليوم القيامة المنتظر.
وفي نهاية المطاف, يعمل حضور الحجاج على جبل عرفات كتذكير قوي بوحدتنا الإنسانية والحاجة المتبادلة لدعوة الرحمة والعفو الإلهي. وهكذا, فإن أهمية جبل عرفات تتخطى مجرد كونها مجرد وجهة فلكية, بل هي نقطة تجمع روحانية تجمع المسلمين في مشهد عالمی فريد من نوعه ويعكس جمال التعبد والإخلاص لله الواحد القهار.
