في سياق الفقه الإسلامي والتاريخ الديني، هناك العديد من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية التي تؤكد على خطورة الفتن ومدى تأثيرها السلبي على المجتمعات. أحد أشهر الأقوال الشائعة فيما يخص هذا الموضوع هو "الفتنة أشد من القتل". يرجع هذا المصطلح إلى الحديث النبوي الشريف الصحيح الذي رواه الإمام أحمد وغيره، حيث قال النبي محمد صلى الله عليه وسلم: "لأن يُطعنَ في رأسي بحدِّيدٍ أحبُ إليَّ مِن أنْ ألتمس الناسَ وإن وجدوا ذباباً على وجهِ رسولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فقاموا به". يشير هذا الحديث بشكل واضح إلى مدى شدة الفتنة مقارنة بالقوة الجسدية للقتل.
تعود جذور استخدام مصطلح "الفتنة" في النصوص الإسلامية القديمة إلى فترة ما بعد وفاة الرسول الكريم عندما بدأ الخلاف السياسي والديني بين الصحابة رضوان الله عليهم جميعا. كانت تلك الفترة مليئة بالاختلافات التي أدت إلى ظهور الجماعات المختلفة مثل الأنصار والمهاجرين والخوارج وغيرها الكثير. وقد لقب البعض هؤلاء الذين انشقوا عن العقيدة الإسلامية الرئيسية بأنهم "المفترون"، وهو اسم يعكس معنى الفتنة نفسها؛ وهي الانحراف عن الحق الواضح.
إن العبارة "الفتنة أشد من القتل" ليست مجرد عبارة قديمة بل تحمل دلالة عميقة حتى اليوم. فهي تشير إلى قوة الأفكار السلبية والانحرافات العنيفة التي يمكن أن تقسم مجتمعا أكثر مما تفعل الأسلحة التقليدية. إنها تحذر من أهمية الحفاظ على الوحدة والتوافق داخل الدين والثقة المتبادلة بين أفراده. بالتالي فإن فهم وتطبيق روح هذه المقولة أمر ضروري للحفاظ على السلام الداخلي والاستقرار الاجتماعي خاصة خلال الأوقات المضطربة والمعقدة. وبالتالي فالفتنة بكل أشكالها تعتبر تحدياً كبيراً ينبغي مواجهته بحكمة وصبر وفق تعاليم الدين الإسلامي.