ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: "إذا دخلت العشر وأراد أحدكم أن يضحي فلا يمس من شعره ولا من بشره شيئًا". هذا الحديث يشير إلى حكم الحلاقة في العشر من ذي الحجة بالنسبة لمن يريد الأضحية. وقد اختلف الفقهاء في تفسير هذا الحديث إلى ثلاثة آراء:
- رأى الإمام أبو حنيفة والإمام مالك أن ترك الأخذ من الشعر للمضحي ليس بسنة ولا كراهة، واحتجوا بأن المضحي محِلّ ولا يحرم عليه اللباس والطيب، فكذلك لا يحرم عليه الأخذ من شعره.
- رأى الإمام الشافعي أن هذا الحديث محمول على الاستحباب لا الوجوب، فالسنة لمن أراد أن يضحّي الامتناع عن أخذ شيءٍ من شعره مع دخول شهر ذي الحجة، فإذا أخذ كان فعله مكروهاً ولا حُرمة فيه.
- ذهب الإمام أحمد وإسحاق بن راهويه إلى أن الأمر في الحديث محمولٌ على الوجوب؛ فيحرّم على من نوى الأضحية أن يأخذ من شعره.
أما بالنسبة للمحرم، فلا يجوز له حلق شعره وهو في النسك، حيث قال العلماء: "ومن حلق شعر رأسه فعليه الفدية، ومن حلق موضع الحاجم من رقبته فعليه الفدية، ومن حلق شعر عانته فعليه الفدية، ومن خلل شعر لحيته فتساقط شيء من شعر لحيته في وضوئه أو في غسله فلا شيء عليه".
الحكمة في ترك الأخذ من الشعر للمضحي تكمن في مشاركته للحاجّ في ذبح القُربان، أي ما يُتقرّب به إلى الله -تعالى-، فكان من المناسب أن يشاركه أيضاً في بعض خصائص الإحرام؛ كالإمساك عن الأخذ من شعره ونحوه. وفي ذلك أيضاً إظهاراً لنعمة الله على عبده، وامتثالاً لأوامره جلّ وعلا.
الحكمة من ذبح الأضاحي شرع الله -تعالى- الأضحية لحكم عديدة، منها اتباع سنة رسول الله محمد -صلّى الله عليه وسلّم-، شكر الله -عزّ وجلّ- على نعمه وآلائه الكثيرة، نيل الأجر والمثوبة العظيمة من الله -جلّ جلاله-، إحياء سنة نبي الله إبراهيم -عليه السلام-، التقرّب إلى الله -عزّ وجلّ- بإراقة الدم، والتوسعة على فقراء المسلمين ومساكينهم.