مرّت فترة طويلة بين رسالة عيسى عليه السلام ورسالة محمد صلى الله عليه وسلم، حيث بحث الناس عن إله يتقرّبون منه ويلتمسون عنده حوائجهم. اتخذ العرب قبل الإسلام الأصنام، وشاعت عبادة الأصنام بينهم، حتى جعلت قريش لكل صنم اسمًا. ذكر الله تعالى أسماء بعض هذه الأصنام في القرآن الكريم، مثل اللات والعزى ومناة.
بالنظر إلى أخلاق العرب قبل الإسلام، نجد أن كثيراً منها قد تهاوت وانهارت بسبب انهيار العقيدة الصحيحة. ظهرت بينهم العديد من الأخلاق السيئة، مثل وأد البنات، ازدراء الفقراء والضعفاء، الافتخار والتكبّر بولاية بيت الله الحرام، وانتشار أنواع فاسدة من النكاح، مثل نكاح الاستبضاع ونكاح ذات الرايات ونكاح الرهط.
استهان العرب قبل الإسلام بالمرأة، حيث نظر الرجل إليها على أنها متاع يمتلكها كما يمتلك الأنعام والأمتعة، ويتصرّف بها كيفما يشاء. لم يكن للطلاق عدداً محدّداً عند العرب، كما لم يكن عدد محدّد للزوجات التي يستطيع الرجل أن يدخل بهنّ. حرمت المرأة من الميراث قبل الإسلام، كما حرمت من حقوقها الواجبة على زوجها. اعتبرت زوجة الأب إرثاً حين موت الأب كبقية الأموال، وكان الابن الأكبر الأحق بزوجة أبيه عن غيره. كانت المرأة تعتد سنة كاملة بوفاة زوجها، وكان حدادها على زوجها شديداً، إذ كانت تمتنع عن الطهارة ومسّ الماء، وكانت تمتنع عن الخروج ولقاء الناس.
هذه الدراسة الشاملة لحياة العرب قبل الإسلام تكشف عن واقع مرير من التدهور الأخلاقي والظلم الاجتماعي، مما يؤكد أهمية رسالة الإسلام في إصلاح المجتمع وتطهيره من هذه الممارسات الضارة.