الحفاظ على حقوق العمال هو أحد الأعمدة الأساسية التي تشدد عليها الشريعة الإسلامية. يؤكد القرآن الكريم والسنة النبوية على ضرورة العدالة في المعاملات المالية وعدم ظلم الآخرين، خاصة فيما يتعلق بتوزيع الثروات والأرباح بشكل عادل بين أفراد المجتمع المختلفة الطبقات الاجتماعية والمكانة الاقتصادية. يشير مصطلح "أكل حقوق العمال" إلى الاستيلاء غير المشروع على رواتب العمال أو تخفيضها بدون وجه حق. هذه الممارسة تعتبر محرمة في الإسلام لأنها تنتهك مبدأ العدالة وتُسيء للعمل الجاد والتفاني الذي يقوم به هؤلاء الأفراد.
يشجع الدين الإسلامي المسلمين على تحقيق الإنصاف والكرامة لأصحاب العمل الفقراء والمعوزين. يعترف القرآن الكريم بالتفاوت الطبيعي في القدرات البشرية والإمكانيات الاقتصادية ويوجه المؤمنين لتقديم الدعم اللازم للأقل حظوة منهم. يقول الله تعالى في سورة النساء الآية ١٣٥: "ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل وتدلوا بها إلى الحكام لتأكلوا فريقا من أموال الناس بالإثم وأنتم تعلمون". توضح هذه الآية حرمة أخذ الأموال بطريق غير مشروع واستخدام النفوذ للحصول عليها.
وفي سبيل تعزيز احترام حقوق العمال، حرص الرسول محمد صلى الله عليه وسلم على تحديد بعض الضوابط والنظم الواضحة لحماية موظفيه ومن يعمل لديهم. وقد أكد على أهمية تقديم البدل المناسب مقابل الخدمات المقدمة واحترام وقت وجهد كل فرد. جاء الأمر من سيد الخلق بأنه يجب دفع الأجر فور الانتهاء من المهمة المنوط بها الشخص بدلاً من التأخير الذي قد يكلف المصروف اليومي لعائلاته الصغيرة. بالإضافة لذلك، يحث الحديث أيضًا على الرعاية الإنسانية تجاه أولئك الذين هم معرضون للاستغلال بسبب حاجتهم للمعاش، مؤكداً أنه حتى لو تمت الموافقة المتبادلة على التساهل في جزء صغير من راتب عامل معين، إلا أنها تبقى مسيئة كونها تستغل وضعيته الطيبة بلا سبب مقنع قانونيًا ودينيًا.
بالنظر لهذه التعليمات الواردة مباشرة من المصدر الأخلاقي والثقافي الرئيسي لدى المجتمع المسلم آنذاك، يمكن اعتبار تجنب مثل تلك التصرفات فضيلة عظيمة تساهم في بناء مجتمع متماسك ومتكافئ اجتماعيًا واقتصادياً. ومع ذلك، بما أن الحياة مليئة بالأخطاء والتجارب الشخصية، فقد يقع البعض ضحية للغضب والسرقة والاستغلال أثناء فترة حياتهم العملية. ولكن رحمة رب العالمين واسعة للغاية بحيث تسمح لمن ارتكب ذنب الظلم السابق للتوبة النصوحة وإرجاع الحقوق المستوجبة سابقًا لصاحبها الأصلي قبل طلب المغفرة النهائية. وإن لم يكن ظاهر الطريق نحو استعادة ملك ذلك الشخص معروفًا عند مرتكب الخطايا، هنا يدخل دور التصدق بالحصة المقسومة علي وجه التقوى كمصدر ثانوي لاستبدال العقوبة الدنيا بعفو الرب عز وجل حسب حديث نبوي شريف يفيد: «وعن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قال رجل يا رسول الله إن لي قرابة أبر بصلتهم ويقطعوني وأحسن إليهم ويسيئوا إليّ، وأحلّ بينهم وبيني ويحاولون قطع الخير بي فكيف أصنع? فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم «إن كنت كما تقول فكأنما تسفهم المل حماما ترش عليه حتى إذا طيب ريحه قطعته».
ختامًا، تتسم رسالة ديننا الحنيف بوحدة الشعور الإنساني وكافة شعائر الانفتاح الاجتماعي والقسط الداخلي لجميع مستويات طبقتنا الاجتماعيه والتي تعد أساس النظام العام لدولة الإسلام الفاضلة وفقا لرؤيتنا التاريخية والدينية حول عدالة الدولة المدنيه المثالية المعتمدة على الزكاة والحسبة الرسمية لإدارة التوزيع الحكومي للعائدات العامة عبر المساندة الشعبية المتجددة باستمرار وفق تصريحات قرآنية واضحه ذات دلالة كبيرة تفصح بان الايمان بالتساوي أمام رب العالمين يتطلب مشاركة عامة بين كافة عناصر المجتمع بغرض تحسين علاقات المحبة الاخوية داخل الصفوف الاسلاميه ضد اية اشكال عدائية خارجية محتملة تهدد السلام والاستقرار العالمي بمختلف توجهاتها السياسية والفلسفية المعاصرة .