الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
المعاملة بالمثل في الإسلام هي مبدأ شرعي يهدف إلى تحقيق العدل والمساواة بين الناس، مع مراعاة حدود الشرع وأحكامه. ففي الإسلام، يجوز للمظلوم أن ينتقم من ظالمه بقدر ظلامته، دون تجاوز أو تعدٍّ. قال تعالى: "وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ" (الشورى:40).
ومع ذلك، فإن المعاملة بالمثل ليست مطلوبة دائماً، بل هي خيار من بين خيارات عدة متاحة للمظلوم. فالعفو عن الظالم مستحب ومندوب إليه، وهو أفضل من الانتقام. قال تعالى: "وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ" (الشورى:43).
وفيما يتعلق بحدود المعاملة بالمثل، فإنها تقتصر على رد الإساءة بمثلها، دون تجاوز أو تعدٍّ. فإذا سبه أحد أو شتمه، فيجوز له أن يرد عليه بمثل ما قاله، بشرط ألا يكون الكلام كذباً أو قذفاً أو سبّاً لأسلافه. كما أن الانتصار من ظالمه بقدر مظلمته مباح، ولا يعد ظلماً.
ومن الأمثلة على ذلك ما ورد في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "المستبّان ما قالا، فعلى البادئ ما لم يعتد المظلوم". أخرجه مسلم. أي أن إثم السباب الواقع من اثنين مختص بالبادئ منهما كله، إلا أن يتجاوز الثاني قدر الانتصار.
ومن المهم أن نلاحظ أن العفو عن الظالم هو الأفضل دائماً، وهو من معالي الأخلاق ومكارمها. قال تعالى: "وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ" (آل عمران:134).
وفي الختام، فإن المعاملة بالمثل في الإسلام هي مبدأ شرعي يهدف إلى تحقيق العدل والمساواة بين الناس، مع مراعاة حدود الشرع وأحكامه. وهي خيار من بين خيارات عدة متاحة للمظلوم، والعفو عن الظالم هو الأفضل دائماً.