السيدة خديجة بنت خويلد, التي كانت زوجة النبي محمد صلى الله عليه وسلم الأولى والأحب إليه, حظيت بنعمة الأبوة قبل زواجها بالنبي الكريم. رزقت بستة أبناء من زواجٍ سابق مع أبو هالة عتيق بن عائذ القريشي؛ ثلاثة أولاد وثلاث بنات. رغم أنها لم تكن أمّاً للمسلمين الحقيقيين حسب الفقه الإسلامي بسبب عدم اعتناق أبيهم للإسلام، إلا أن دورهن في حياة النبي كان بالغ الأهمية ويشهد له التاريخ بحب وعطف كبير من جانب النبي لهم جميعا.
كان لأولاد السيدة خديجة مكانتهم الخاصة لدى رسول الله. فقد أحبهما كثيرا وأظهر حرصه الشديد عليهم وعلى رعايتهم ورعاية مصالحهم بعد وفاة والدتها. تُروى العديد من القصص التي تؤكد هذا المحبة المتبادلة بينهما وبينه. على سبيل المثال، عندما مرضت ابنة السيدة خديجة الوحيدة رقية وتوفيت لاحقا, بكاهَا الرسول بكاءً شديدًا حتى أنه ظهر ذلك بشكل واضح في وجهه أثناء الصلاة وخارج حدود بيته الخاص مما جعل الناس يسألون عنه الأمر. وهناك قصة أخرى حول كيف اختار أحد الأولاد لقضاء شهر رمضان معه كدعوة غير مباشرة لإعلاء قيمة الرحم والعلاقة الحميمة داخل العائلة المسلمة الواحدة والتي تعتبر جزء أساسي من تعاليم الاسلام.
هذه الروابط الإنسانية ليست فقط تبين لنا مدى رحمة نبيه ومحبته لجميع أفراد مجتمعاته بل أيضًا تشير إلى الطبيعة المحبة والحنان المشترك لكل البشر بغض النظر عن انتماءاتهم الدينية الأصلية للرسل بما يشمل نبينا المصطفى نفسه. إن هذه العلاقات الإنسانية البسيطة توضح لنا الجانب الشخصي لحياة النبي العزيز والذي يعتبر قدوة للأجيال القادمة بجعل الحب والتسامح والقيم الأخلاقية أساس لسلوكياتنا اليومية.