تعد كلمة "نجوى" واحدة من المصطلحات التي تتكرر في القرآن الكريم وتضيف عمقاً لفهم الدين الإسلامي وسلوكيات الأفراد داخل المجتمع المسلم. وفقًا للقاموس اللغوي، يشير مصطلح "نجوى" أساسًا إلى المحادثة السرية بين شخصين أو مجموعة صغيرة. وعلى الرغم من هذا التأويل العام، إلا أن هناك العديد من السياقات المختلفة التي يمكن استخدامها بها ضمن النص القرآني والأثر النبوي.
في سياق القرآن الكريم، وردت كلمة "نجوى" في عدة آيات لتسلط الضوء على أهميتها ومعناها الأعمق. على سبيل المثال، يقول الله سبحانه وتعالى في سورة البروج الآية ١٥: "(فتناهجوا أمرهم بينهم وأسروا النجوى)". وفي سورة المجادلة الآية 10 نقرأ:" إنما النجوى من الشيطان ليحزن الذين آمنوا". وهذه الآيات تشير بشكل خاص إلى محادثات سرية قد تكون مؤذية للدين أو تؤدي إلى الفتنة والحزن بين المؤمنين.
بالمثل، أكدت أحاديث النبي محمد صلى الله عليه وسلم على ضرورة تجنب التجمعات الصغيرة التي تخلو فيها مجموعتان صغيرتان من الأشخاص الثلاثة أثناء الجلوس سوياً. جاء في حديث رواه عبد الله بن مسعود رضوان الله عنه نقلًا عن الرسول الأعظم:"إذا كنتم ثلاثة فلا يتناجى اثنان دون الآخر حتى تختلطوا بالناس." وهذا يعكس مدى حرص الإسلام على الوحدة الاجتماعية والحفاظ على الروابط القائمة بين أفراد المجتمع الواحد.
وعندما وصل الأمر إلى الحكم الفقهي بشأن هذه الظاهرة، فقد حذر علماء الدين المسلمين بشدة ضد التناجي باعتباره غير مستحب ومؤدياً للشعور بالحزن لدى المتغيبين عن تلك الاجتماعات الخاصة. ومع ذلك، فإن بعض الاستثناءات تقبلها المدارس العلمية الإسلامية تحت ظروف خاصة مثل الموافقة الصريحة لأحد الطرفين الغائبين وحضور المزيد من الأفراد مما يؤدي إلى عدم وجود غبن واضح للقاعدة العامة المنصوص عليها. بالإضافة لذلك، تسمح حالات الضرورات القانونية أيضًا بتجاوز هذه القواعد عند الحاجة القصوى لها.
وبالتالي، تدل عبارتا "الحرمة" و"التحذير"، المستعملتين بكثرة بمختلف نصوص الشريعة الإسلامية لهذه المشكلة، بالتأكيد على خطورة التصرف المخالف لقوانين التواصل الاجتماعي داخل المجتمع المسلم. وبذلك يتم تعزيز قيمة الانفتاح والثقة والمشاركة المتبادلة بين جميع الأفراد لتحقيق حالة اجتماعية صحية وديناميكية تجمع الجميع حول هدف مشترك وهو خدمة الرب والخلق.