الحمد لله الذي فضّلنا بالإيمان وهدانا إلى طريق الهدى، والصلاة والسلام على من أرسله الله رحمة للعالمين، وعلى آله وصحبه أجمعين.
في رحمة الله الواسعة وفضله العظيم، يضاعف أجر الأعمال الصالحة، كما أخبرنا القرآن الكريم: "إن تُقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا يُضَاعِفْهُ لَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ" [التغابن:17]. وأقل ما تضاعف به الحسنة عشرة أضعاف، كما قال تعالى: "مَن جَاء بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا" [الأنعام:160].
ومن فضل الله أن المسلم الذي يهم بفعل الحسنة ولكنه لا يفعلها تكتب له حسنة تامة، وأن المسلم الذي يهم بفعل السيئة ثم تدركه مخافة الله فيتركها تكتب له حسنة تامة. عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه عز وجل قال: "إن الله كتب الحسنات والسيئات، ثم بين ذلك فمن هم بحسنة فلم يعملها كتبها الله له عنده حسنة كاملة، فإن هو هم بها فعملها كتبها الله له عنده عشر حسنات إلى سبعمائة ضعف إلى أضعاف كثيرة، ومن هم بسيئة فلم يعملها كتبها الله له عنده حسنة كاملة، فإن هو هم بها فعملها كتبها الله له سيئة واحدة" (رواه مسلم).
وتبلغ رحمة الله بعباده وفضله عليهم أن يبدل سيئاتهم حسنات. عن أبي ذر الغفاري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إني لأعلم آخر أهل الجنة دخولا الجنة وآخر أهل النار خروجا منها رجل يؤتى به يوم القيامة فيقال: اعرضوا عليه صغار ذنوبه وارفعوا عنه كبارها. فتعرض عليه صغار ذنوبه فيقال عملت يوم كذا وكذا كذا وكذا وعملت يوم كذا وكذا كذا وكذا. فيقول: نعم. لا يستطيع أن ينكر وهو مشفق من كبار ذنوبه أن تعرض عليه. فيقال له: فإن لك مكان كل سيئة حسنة. فيقول: رب قد عملت أشياء لا أراها ها هنا". فلقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ضحك حتى بدت نواجذه (رواه البخاري).
وفي هذا الحديث الكريم نرى رحمة الله الواسعة وفضله العظيم على عباده المؤمنين. فالله سبحانه وتعالى يبدل سيئاتهم حسنات، ويضاعف أجرهم في الآخرة. وهذا يدل على أن باب التوبة مفتوح دائما أمام المؤمنين، وأن رحمة الله واسعة تشمل الجميع.
وفي الختام، نسأل الله أن يجعلنا من الذين يقبلون على فعل الحسنات ويبتعدون عن السيئات، وأن يرزقنا مضاعفة الأجر والثواب في الدنيا والآخ