يتجلى الإيمان العميق بالتوكل على الله كواحد من أهم مرتكزات العقيدة الإسلامية. إلا أنه قد يواجه بعض المؤمنين تحديات في تحقيق توكل حقيقي وثابت على الخالق عز وجل. هذا الأمر يمكن أن يعزى إلى مجموعة من العوامل الداخلية والخارجية التي تستهدف إيمان الفرد وعلاقته بربه.
أولاً، غالبًا ما تكون هناك حاجة ملحة للتعليم والتوعية حول مفهوم التوكل الصحيح. الكثيرون قد يفهمون التوكل بشكل خاطئ بأنه مجرد التسليم السلبي للأحداث بدون فعل محاولة للتغيير أو التحسين. بينما يشجع الإسلام الجهد البشري مع الأخذ بنظر الاعتبار الدور الإلهي في النتائج النهائية.
ثانياً، القلق والمخاوف النفسية تعد عائق رئيسياً أمام التوكل الكامل. حينما يشعر الإنسان بمستقبل غير مؤكد أو مرعب، يمكن أن تهتز ثقته بالتدبير الرباني مما يؤدي لتدهور مستوى التوكل لديه. هنا يأتي دور الدعوة المستمرة لتحقيق الطمأنينة الروحية عبر التعبد والصلاة والدعاء.
ثالثاً، البيئة الاجتماعية والنظام الثقافي أيضا له تأثير كبير. إذا كانت المجتمعات تحرض على العمل الشاق وتقدر الجدية العملية أكثر من الثقة والإيمان، فقد تشوش هذه الرسائل المفاهيم المتعلقة بالتوكّل لدى الأفراد. لذلك فإن تعزيز القيم الدينية داخل هذه المنظومات أمر ضروري لمعالجة هذه المسألة.
وفي نهاية المطاف، الصحة النفسية والعقلية مهمة جدا أيضاً. الأشخاص الذين يعانون من الأمراض العقلية مثل الاكتئاب أو الرهاب قد يكافحون بشكل خاص لاتباع طريق التوكّل بسبب شعورهم بالتقصير أو اليأس. دعم هؤلاء الأفراد بتقدير متزايد لفكرة التوكل وكيف أنها تتناسب مع حالتهم الخاصة يعد خطوة أساسية نحو تقوية رابطتهم بالإله سبحانه وتعالى.
بالتالي، بناء توكل قوي يحتاج لمجموعة متنوعة من المقاربات تضم التعليم، الروحانية الشخصية، التربية الاجتماعية الصحية والعناية بالحالة النفسية العامة لكل فرد. ومن خلال ذلك، يمكن للمسلمين الوصول لحالة من السلام الداخلي والسكون النفسي أثناء كونهم موثوقين تماما بمشيئة رب العالمين.