الحمد لله الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله، فجعله شاهدا ومبشرا ونذيرا، وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا. اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
بعث الله تعالى نبيه محمدًا صلى الله عليه وسلم برسالة الإسلام لتكون خاتمة الرسالات السماوية، وذلك لعدة أسباب جوهرية. أولها، إتمام مكارم الأخلاق وتزكية النفوس وتهذيبها، كما جاء في الحديث الشريف: "إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق". هذا التكميل للأخلاق الحميدة يهدف إلى بناء مجتمع إنساني متكامل ومتوازن، حيث تكون الأخلاق هي الأساس الذي يقوم عليه المجتمع المسلم.
ثانيًا، تبليغ رسالة الإسلام إلى جميع البشرية، حيث قال الله تعالى: "وما أرسلناك إلا كافة للناس بشيرا ونذيرا". هذه الرسالة الشاملة تشمل جميع جوانب الحياة، من العقيدة إلى العبادات، من المعاملات إلى الأخلاق، من السياسة إلى الاقتصاد. إنها رسالة شاملة لكل زمان ومكان، تهدف إلى هداية الناس إلى طريق الحق والرشاد.
ثالثًا، إقامة الحجة على الناس وإبراء الذمة، حيث قال الله تعالى: "رسلا مبشرين ومنذرين لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل". هذه الحجة القاطعة تهدف إلى إزالة أي عذر أو حجة يمكن أن يقدمها الناس أمام الله يوم القيامة، حيث يكون قد أرسل إليهم رسولا مبينا لهم الطريق المستقيم.
رابعًا، تحقيق الوحدة والتعاون بين البشرية، حيث قال الله تعالى: "إن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاعبدون". هذه الوحدة لا تقتصر على المسلمين فقط، بل تشمل جميع البشرية، حيث يهدف الإسلام إلى جمع الناس تحت راية واحدة هي عبادة الله وحده لا شريك له.
خامسًا، تحقيق العدالة والمساواة بين الناس، حيث قال الله تعالى: "يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم". هذه العدالة والمساواة تهدف إلى القضاء على الظلم والتمييز بين الناس، وتبني مجتمعًا عادلًا ومتكافئًا.
ختامًا، فإن بعثة الرسول محمد صلى الله عليه وسلم كانت لهدف سامٍ سامٍ، وهو إتمام مكارم الأخلاق وتبليغ رسالة الإسلام إلى جميع البشرية، وإقامة الحجة عليهم، وتحقيق الوحدة والتعاون بينهم، وتحقيق العدالة والمساواة بينهم. إنها رسالة خالدة تظل نبراسًا يهدي البشرية إلى طريق الحق والرشاد.