تولى السلطان مراد الثاني، المعروف أيضًا باسم "مراد العظيم"، حكم الدولة العثمانية عندما بلغ سن التاسعة عشرة فقط، عقب وفاة والده السلطان محمد الأول سنة 1421 ميلادي. ولد هذا الحاكم المؤثر عام 1403 م في مدينة أماسيا التركية، وتوفي في المدينة نفسها والتي كانت تعرف حينئذٍ بأدرنة. عرف عنه حرصه الشديد على تنمية وتعزيز نفوذ الدولة عبر الغزو والتوسع الجغرافي ضمن حدود الامبراطورية المترامية الأطراف.

توليه السلطة جاء وسط تحديات كبيرة تواجهها البلاد؛ فقد واجه باستمرار مقاومة شعوربة بالإضافة إلى الضغط الخارجي الناجم عن النزاعات المستمرة مع مختلف القوى الأوروبية المجاورة لها مثل مملكة بولندا ورومانيا والمجر وغيرها. ورغم هذه الظروف المضطربة، تميز نهج السلطان مراد الثاني بالحكمة والصبر اللذان ساعدانه على تحقيق انتصارات ملحوظة خلال فترة حكم دامت نحو ثلاثين عاما تقريبًا.

من أعظم انجازاته حملاته العسكرية المكثفة ضد مجريا حيث استغل عدم استقرار الوضع الداخلي هناك لإعادة بسط سلطه مرة أخرى شمال البلقان مما عزز مكانتها كقوة مهيمنة لمنطقة الشرق الأوسط والبحر المتوسط بصورة عامة. علاوة علي ذلك حافظ أيضا علي اتصالات وثيقة مع مجتمع العلم والأدب آنذاك راعية العديد منهم داخل بلاطه الشخصي ومنحه بذلك دفعه جديدة لتراث حضاري غني مازالت آثاره واضحة حتى يومنا الحالي بشكل مباشر أو غير مباشر.

بالإضافة إلي ميوله الثقافية والفكرية الواضحه ، اشتهرت شخصية السلطان مراد الثاني بحسن تصرفاته تجاه رعاياه وكرم أخلاقه الإنسانية العامة . فعندما توفي عام ١٤٥١م اثر اصابته بنوبة قلبية مفاجئة أثناء رحلة لقضاء اجازة قصيرة خارج العاصمة, ترك ذكرى محبوبة لدى الشعب التركي وللعالم الاسلامی عموماً نظراً لإنجازات اصلاحاته الداخلية وخروجه الفائقة بإطار الحدود التقليدية لحقبته الزمنية خاصة فيما يتعلق بدعم التعليم والإدارة الرشيدة للأملاك الحكومية وكذلك جهوده المبذولة لنشر العدالة الاجتماعية داخل المملكة العثمانیة تلك الفترة الحرجة التاريخیه.