تناولت كتب الفقه المختلفة مسألة شرعية مهمة تتعلق بالعلاقة بين المؤمن ووالديه الذين قد يكونون مشركين. وبحسب العقيدة الإسلامية، يعتبر احترام وبر الوالدين فضيلة مطلقة، حتى لو كانوا مختلفين دينياً. هذا الأمر يتضح بشكل واضح في عدة آيات قرآنية وأحاديث نبوية.
يجمع العديد من الفقهاء على أنه يجب بر الوالدين بالإنفاق عليهم عندما يكونوا فقراء وليس لديهم مصدر رزق خاص بهم. هذا يشمل الوالدين المشركين بناءً على قاعدة عامة وهي ضرورة طاعة الوالدين إلا عند أمرهما بمعصية. يقول تعالى في القرآن الكريم: "(وَإِن جَاهَدَاكَ عَلَى أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا)".
كما يؤكد علماء مثل ابن القيم الجوزية على أهمية صلة الرحم التي تشمل جميع الأقارب بغض النظر عن معتقداتهم الدينية. وهم يدعمون رأيهم بالأدلة الشرعية التي تؤكد عموم أحكام صلة الرحم لكل أبناء العمومة والأخوة وغيرهم ممن تربطنا بهم روابط الدم مهما اختلفت عقيدتهم.
بالنظر إلى التفاصيل القانونية للحالات التي يمكن فيها النفقة، يرى البعض وجود اختلاف بين شروطه بالنسبة للميراث والنفقات الأخرى. بينما يتطلب الميراث توافق الديانة لتكون بين ورثة مسلم وكافر، إلا أن شرط الاتفاق على الدين ليس ضرورياً في حالة النفقة حسب وجه نظر العديد من الفقهاء.
وقد ذكر العديد من الأمثلة التاريخية لإظهار تطبيق هذه التعاليم العملية. مثلا قضية امرأة تدعى أسماء بنت أبي بكر الصديق رضوان الله عليها والتي استشارت النبي محمد صلى الله عليه وسلم حول كيفية التعامل مع والدتها الكافرة. أجابه الرسول بأنه يجوز لها الاعتناء بها وصرف المال عليها رغم كونها مشركة. وهذا دليل حيوي على قبول الإسلام لحسن معاملة الأحباء حتى وإن لم يكن هناك اتفاق كامل بشأن معتقداتهما الروحية.
وفي النهاية، ينص الشريعة الإسلامية أيضا على جواز كتابة الوصايا المالية الخاصة بالآباء المشركين قبل انتقال صاحب الثروة إلى الحياة الأخرى. وهذه الرؤية تستند إلى القاعدة العامة التي تقضي بإمكان توجيه جزء من التركة نحو شخص خارج دائرة الوارث التقليدية بشرط موافقة الشخص المعني بذلك أثناء حياته.
هذه المواقف توضح مدى تعقيد ونبل التشريع الإسلامي فيما يتعلق بالعلاقات العائلية والتسامح تجاه الاختلافات الدينية ضمن حدود المجتمع الواحد.
