الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد: فإن الرزق بأشكاله وأنواعه المختلفة إنما هو من الله تعالى وحده. ولا يستطيع أحد البقاء في هذا الوجود إلا برزق الله تعالى، فالهواء الذي نتنفسه، والماء الذي نشربه، والطعام الذي نأكله، والثوب الذي نلبسه، والدواء الذي نتناوله، والبيت الذي نسكنه، وغير ذلك من منافع الحياة الدنيا إنما هي من رزق الله تعالى، الذي لا ينفك عنه أحد، ولا يملكه غير الله أحد، كما قال تعالى: "أَمَّنْ هَذَا الَّذِي يَرْزُقُكُمْ إِنْ أَمْسَكَ رِزْقَهُ" [الملك: 21].
وقال سبحانه: "يَا أَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ" [فاطر: 3]. وعلى هذا المعنى جاء قوله تعالى: "وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ مِنْ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ" [الأنعام: 151] فرزق الوالد والولد كليهما إنما هو على الله تعالى وحده.
ومن هنا تعلم السائلة خطأها في قولها: (هناك ناس لا يرزقهم)! فالبشر جميعا يرزقهم الله، ولا ينفك أحد منهم عن رزق الله، ولكنهم بعد ذلك يتفاضلون فيه، فمنهم من يُوسَّع عليه، ومنهم من يُضيَّق عليه، كما قال تعالى: "وَاللَّهُ فَضَّلَ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ فِي الرِّزْقِ" [النحل: 71]. وهذا المعنى يتكرر في القرآن، كما في قوله سبحانه: "نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا سُخْرِيًّا" [الزخرف: 32] وقوله عز وجل: "اللَّهُ يَبْسُطُ الرِّزقَ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيءٍ عَلِيمٌ" [