أبو سفيان الثوري، واسمه الكامل سفيان بن سعيد بن مسروق بن حبيب بن رافع بن عبد الله الثوري، هو أحد أبرز الشخصيات في تاريخ الإسلام، عرف بعلمه الواسع وورعه وتقواه. ولد في الكوفة عام 97 هـ (716 م)، ولقّب بـ"أمير المؤمنين في الحديث" و"إمام الحفاظ" لما له من مكانة عالية في مجال الحديث النبوي.
نشأ الثوري في بيئة علمية، حيث كان والده عالماً محدثاً، مما أثرى معرفته منذ صغره. اشتهر بسرعة حفظه وذكائه الحاد، حتى قيل إنّه كان يُفتى وهو لم يزل صبيًّا. سافر الثوري طلباً للعلم إلى مكة والمدينة وبيت المقدس، مما جعله أحد أعلم الناس في زمانه. روى عنه أكثر من ألف شخص، وكان معروفاً بحفظه الشديد للحديث النبوي.
كان الثوري على منهج الصحابة والتابعين رضوان الله عليهم، وعلى عقيدة أهل الحديث. امتلك العديد من المناقب والصفات الحميدة، منها عزّة النفس، والتواضع، والكرم، والأمر بالمعروف، خاصةً مع السلاطين. كان شديد الخوف من الله تعالى، وعمل بعلمه، حيث قيل إنّه ما سمع حديثاً للرسول -صلّى الله عليه وسلّم- إلّا عمل به.
رفض الثوري تولية القضاء عندما طلب منه الخليفة العباسي أبو جعفر المنصور ذلك، ثم هرب عندما هدده المنصور بالقتل. كما رفض تولية القضاء عندما طلبه الخليفة المهدي وهرب إلى البصرة، حيث عاش متخفياً حتى وفاته عام 161 هـ (778 م).
بهذا، يبرز أبو سفيان الثوري كنموذج يحتذى به في العلم والتقوى والزهد، حيث جمع بين العلم العملي والعمل بالعلم، مما جعله إماماً في الحديث النبوي ومثالاً يحتذى به في الورع والتواضع.