الحمد لله، وبعد، فإن الأضحية هي سنة مؤكدة في الإسلام، وهي من شعائر الدين العظيمة التي شرعها الله تعالى لعباده. وقد وردت أحكامها في القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة. أما بالنسبة لتوزيع الأضحية بعد عيد الأضحى، فإن هناك آراء مختلفة بين العلماء.
يقول ابن قدامة في "المغني": "والاستحباب أن يأكل ثلث أضحيته ويهدي ثلثها ويتصدق بثلثها، ولو أكل الأكثر جاز". وهذا يدل على أن الأفضل هو توزيع الأضحية خلال أيام التشريق، أي بعد عيد الأضحى مباشرة. ومع ذلك، لا يوجد مانع شرعي من توزيع الأضحية بعد هذه الفترة، ولكن مع مراعاة بعض الأمور.
من المهم أن نذكر أن الأضحية هي ذبيحة تقرب إلى الله تعالى، وهدفها الأساسي هو إظهار الفرح والسرور بذكرى استجابة الله تعالى لدعاء إبراهيم عليه السلام. لذلك، فإن توزيع الأضحية على الفقراء والمحتاجين هو جزء مهم من هذه الشعيرة.
في حالة تأخير توزيع الأضحية، يجب أن يكون ذلك لسبب مشروع، مثل عدم توفر وسائل النقل أو عدم وجود فقراء في المنطقة. وفي هذه الحالة، يمكن الاحتفاظ باللحم في الثلاجة حتى يتم توزيعه لاحقًا. ومع ذلك، فإن الأفضل هو تعجيل توزيع الأضحية من غير عذر، نظراً للأمر بالمبادرة إلى فعل الخير كما جاء في القرآن الكريم: "فاستبقوا الخيرات" (البقرة: 148).
وفي الختام، يمكن القول إن توزيع الأضحية بعد عيد الأضحى جائز شرعاً، ولكن مع مراعاة أهمية تعجيل التوزيع وتخصيص جزء منها للفقراء والمحتاجين. والله أعلم.