الحمد لله الذي أنزل القرآن هدىً للناس، وجعل فيه آيات بينات لإعجازه. إن الحروف المقطعة التي تفتح بها بعض سور القرآن الكريم هي من مظاهر إعجاز هذا الكتاب العظيم، وهي تشير إلى أن القرآن الكريم مركب من جنس هذه الأحرف التي يكوِّن منها العرب كلامهم، ومع ذلك فإنهم يعجزون عن أن يصيغوا منها مثل هذا القرآن.
إن الحروف المقطعة في فواتح بعض السور القرآنية هي من مظاهر إعجاز القرآن الكريم، وهي تشير إلى أن القرآن الكريم مركب من جنس هذه الأحرف التي يكوِّن منها العرب كلامهم، ومع ذلك فإنهم يعجزون عن أن يصيغوا منها مثل هذا القرآن. قال ابن أبي العز في شرح العقيدة الطحاوية: "وإلى هذا وقعت الإشارة بالحروف المقطعة في أوائل السور، أي أنه في أسلوب كلامهم وبلغتهم التي يخاطبون بها، ألا ترى أنه يأتي بعد الحروف بذكر القرآن كما في قوله تعالى: الم (1) ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ.{البقرة: 1-2} الم (1) اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ. {آل عمران: 1-2} المص (1) كِتَابٌ أُنْزِلَ إِلَيْكَ. {الأعراف: 1-2} الر تِلْكَ آَيَاتُ الْكِتَابِ الْحَكِيمِ {يونس: 1} وكذلك الباقي، فنبههم أن هذا الرسول الكريم لم يأتكم بما لا تعرفونه؛ بل خاطبكم بلسانكم."
وقد ذكر العلماء عدة تفسيرات لهذه الحروف المقطعة، منها أنها صلة أو تأكيد للمعنى، أو أنها إشارة إلى إعجاز القرآن الكريم وعدم قدرة الخلق على الإتيان بمثله. قال ابن كثير: "وإليه ذهب الشيخ الإمام العلامة أبو العباس ابن تيمية وشيخنا الحافظ المجتهد أبو الحجاج المزي وحكاه لي عن ابن تيمية، ووجه شهادة استقراء القرآن لهذا القول أن السورة التي افتتحت بالحروف المقطعة يذكر فيها دائما عقب الحروف المقطعة الانتصار للقرآن وبيان إعجازه وأنه الحق الذي لا شك فيه، وذكر ذلك بعدها دائما دليل استقرائي على أن الحروف المقطعة قصد بها إظهار إعجاز القرآن وأنه حق."
إن الحروف المقطعة في القرآن الكريم هي من مظاهر إعجازه البلاغي، وهي تشير إلى أن القرآن الكريم مركب من جنس هذه الأحرف التي يكوِّن منها العرب كلامهم، ومع ذلك فإنهم يعجزون عن أن يصيغوا منها مثل هذا القرآن. إنها دعوة للتفكر والتأمل في هذا الكتاب العظيم، الذي هو معجزة الله الخالدة.