نزلت آية "وليعفوا وليصفحوا" في سورة الشورى، الآية رقم 35، لتؤكد على أهمية العفو والصفح بين أفراد المجتمع المسلم. هذه الآية تحث المؤمنين على الابتعاد عن الانتقام والبغي، ودعوة إلى التحلي بالأخلاق الحميدة كالعفة والتسامح. جاءت بعد حادثة وقع فيها الصحابة رضي الله عنهم بعض الخلافات التي أدت إلى سوء الفهم والعنف، فأنزل الله تعالى هذه الآيات لتهدئة النفوس وتوجيهها نحو الطريق الحق.

في تلك الفترة، كان هناك خلاف بين عائشة بنت أبي بكر الصديق وزوجها النبي محمد صلى الله عليه وسلم بسبب اتهامها بالزنا جزافاً. عندما برأتها الآيات القرآنية الثلاثة (التي تسمى الآن بتوبة عائشة)، شعر البعض من الصحابة بالإحباط وخيبتهم نتيجة هذا البرء المفاجئ. هنا تدخل الله عز وجل بنزوله لهذه الآيات التي تنادي بالعفو والصفح كي يعيد السلام والاستقرار للنفس البشرية ويجمع الشمل مرة أخرى.

إن العفو ليس فقط تجاه الخطايا الصغيرة بل حتى ضد الظلم الكبير. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما زاد الله عبداً بعفو إلا عزّاً». وبالفعل، فإن العفو هو دليل قوة ووحدة الروح الإسلامية. كما أن الصفح يمحو الغل والإثم من قلب الإنسان ويعطي الفرصة للتقدم روحيًّا ومعنويًّا للأفضل. إن تطبيق مبدأ العفو والصفح يساعد في تقليل الحقد والكراهية داخل المجتمع، مما يساهم بشكل فعال في نشر المحبة والوئام الاجتماعي.

بالتالي، تشجعنا آية "وليعفوا وليصفحوا" على تجاوز الأخطاء ونسيان الجراح القديمة لصالح بناء مستقبل أكثر نقاوة وحداثة وروعة في ظل العقيدة الإسلامية الراسخة.