تتناول هذه المقالة تفسير آية "من عمل صالحًا فلنفسه" من سورة فصلت، والتي تعد من الآيات التي تثير تساؤلات حول طبيعة ثواب الأعمال الصالحة. وفقًا للآية الكريمة، فإن من يعمل عملاً صالحًا فإن ثوابه راجع إليه، ومن أساء فإن عقاب إساءته عليه. ومع ذلك، فإن هذه الآية لا تتعارض مع إمكانية وصول ثواب الأعمال الصالحة إلى الغير، كما سنوضح لاحقًا.
أولاً، يجب أن نلاحظ أن الآية "من عمل صالحًا فلنفسه" ليست بمثابة نفي لقدرة الإنسان على إهداء ثواب أعماله الصالحة للغير. بل إن هذه الآية تركز على أن استجابة الإنسان لدعوة الرسل عليهم السلام بالإيمان والعمل الصالح هي نفع عائد إليه هو فقط، ولا تزيد استجابته شيئًا في ملك الله أو فضيلة الرسل. هذا المعنى واضح في قول الله تعالى: "وَلَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ أَنِ اشْكُرْ لِلَّهِ وَمَنْ يَشْكُرْ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ" (فصلت: 12).
ثانيًا، هناك اختلاف بين العلماء حول أنواع الطاعات التي يصل ثوابها إلى الغير. بعض العلماء يرون أن ثواب الأعمال البدنية مثل الصلاة لا يصل إلى الغير، بينما يوافقون على إمكانية إهداء أعمال أخرى مثل الصدقات والدعاء. ومع ذلك، فإن الآيات التي ذكرتها السائلة لا تشبه هذه الآيات من حيث المعنى. الآية "من عمل صالحًا فلنفسه" تركز على أن نفع العمل الصالح عائد إلى الفرد نفسه، وليس لها علاقة مباشرة بإهداء ثواب الأعمال للغير.
ثالثًا، هناك آيات أخرى في القرآن الكريم توضح أن المؤمن قد ينفع غيره ببعض أعماله، مثل الدعاء والدعوة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. كما يمكن أن يضر غيره ببعض أعماله، مثل من يسعى في نشر الضلال والفتنة. هذه الآيات تشير إلى أن ثواب الأعمال الصالحة يمكن أن يصل إلى الغير بطرق مختلفة، ولكنها لا تتناقض مع الآية "من عمل صالحًا فلنفسه".
أخيرًا، يجب أن نلاحظ أن الآية "وما ربك بظلام للعبيد" تؤكد على أن الله تعالى لا يظلم أحدًا، وأن الثواب والعقاب راجعان إلى الفرد نفسه. هذا لا يعني أن الله تعالى لا يقبل أعمال البر والإحسان من المؤمنين، بل يعني أن ثواب هذه الأعمال راجع إلى الفرد نفسه، وليس هناك ظلم في ذلك.
في الختام، فإن تفسير آية "من عمل صالحًا فلنفسه" يتطلب فهمًا أعمق لمعنى الآية الكريمة في سياقها العام في القرآن الكريم. على الرغم من أن هذه الآية