تُعدّ آية "الأَعْرَابُ أَشَدُّ كُفْرًا وَنِفَاقًا وَأَجْدَرُ أَلَّا يَعْلَمُوا حُدُودَ مَا أَنزَلَ اللّهُ عَلَى رَسُولِهِ وَاللّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ" (التوبة: 97) من الآيات التي تناولت وصف حال بعض الأعراب في عهد النبي محمد صلى الله عليه وسلم. الأعراب هنا يشيرون إلى سكان البادية الذين كانوا بعيدين عن مراكز الحضارة والمدن، وبالتالي كانوا أقل تعرضا لتعاليم الإسلام وأكثر جفاء وقسوة في قلوبهم.
وفقًا لتفسير ابن جرير الطبري، فإن وصف الأعراب بأنهم "أشد كفرًا ونفاقًا" يعود إلى جفائهم وقسوة قلوبهم وقلة مشاهدتهم لأهل الخير. وهذا يعني أنهم كانوا أقل معرفة بحقوق الله وأكثر نفاقًا مقارنة بأهل الحضر في المدن والقرى. كما يشير ابن عطية إلى أن هؤلاء الأعراب كانوا أقل خوفًا من أهل المدينة، مما أدى إلى أن تكون ألسنتهم أكثر انطلاقًا ونفاقهم أكثر وضوحًا.
ويوضح ابن عاشور أن الآية تشير إلى أن الأعراب كانوا أكثر جدارة بعدم معرفة حدود ما أنزل الله على رسوله، أي أنهم كانوا أقل معرفة بالشرائع والحدود الشرعية. وهذا لا يعني أن جميع الأعراب كانوا كذلك، فكما ورد في الآية التالية "ومن الأعراب من يؤمن بالله واليوم الآخر ويتخذ ما ينفق قربات عند الله وصلوات الرسول" (التوبة: 99)، فهناك من الأعراب من آمن بالله واليوم الآخر واتخذ الإنفاق قربات عند الله.
وبالتالي، فإن الآية تسلط الضوء على حالة بعض الأعراب في عهد النبي محمد صلى الله عليه وسلم، وتبين أنهم كانوا أقل معرفة بالشرائع الإسلامية وأكثر نفاقًا بسبب بعدهم عن مراكز الحضارة والتعليم الديني. ومع ذلك، يجب التنويه إلى أن هذه الآية لا تعمم على جميع الأعراب، فكما هو واضح من الآية التالية، هناك من الأعراب من آمن بالله واتخذ الإنفاق قربات عند الله.