علم أحكام التلاوة هو أحد أهم علوم القرآن الكريم، والذي يهتم بكيفية قراءته كما نزل على النبي محمد صلى الله عليه وسلم. تُعرَّف هذه الأحكام لغويًا بأنها الضوابط التي تحكم طريقة قراءة القرآن بشكل صحيح ومرتفع، وعرفها العلماء اصطلاحيًا بأنها إخراج الحروف من مخارجها الصحيحة مع مراعاة جميع خصائصها دون إفراط أو تفريط.
يعود فضل وضع علم التجويد إلى النبي محمد صلى الله عليه وسلم نفسه، حيث كان هو القدوة الأولى في تجويد القرآن ونقله للسنة المطهرة. ومع ذلك، فإن أول من أسس هذا العلم نظريًا يعد موضع خلاف بين العلماء، فتارة يقول البعض إنه أبو الأسود الدؤلي، وأخرى ينسبونه للخليل بن أحمد الفراهيدي وغيرهم من الأعلام. ومن المهم التأكيد هنا على مكانة علم التجويد باعتباره الأشرف بين سائر العلوم، نظرًا لتعلقيه المباشر بمصدر التشريع الأول للإسلام وهو كتاب الله العزيز.
يتناول علم التلاوة العديد من المسائل الرئيسية مثل قواعد النون الساكنة والتنوين ومختلف أنواع الأم. وقد أكدت النصوص الشرعية الواردة في القرآن والسنة على ضرورة تعلم وتحسين أداء أحكام التلاوة للتجويد، مثل قول الله تعالى "ورتل القرآن ترتيلاً"، مما يدل على اعتبار التحسين واجباً لحفظ اللغة العربية والتعبير عما أراد الناطق بها إيصاله للمستمع بدقة وكفاءة.
التزام حدود وتعليمات تتبع أحكام التلاوة يؤدي بلا شك إلى تحقيق رضا الرب عز وجل وفوائد عظيمة للأبدان والأرواح أيضًا. فمن بركات اكتساب مهارات التجويد دخول جنات الخلود برفقة الملائكة المقربين حسب وعد رسول الحق محمد صلى الله عليه وسلم لمن حسن تلاوتهم وتدبرهم لما يحمل صفحات المصحف الشريف وما تحتوي عليه من آيات محكمة وآلاف المعاني والمواعظ الجليلة. لذلك حرص الحبيب المصطفى ودعا المسلمين كافة لتحفيظ أنفسهم كتاب ربهم وطريقتهم لقرائته بطريقة مستحسنة لدى ذو العلم والفقه. وشجع الرسول الأعظم على رواية كتاب المنزل للتوراة أمام الناس وعلى سبيل المثال خلال المناسبات العامة والدينية المختلفة لإظهار جمال كلام الله المنزه عن الخطأ وصيانته بحذر شديد ضد تبديل حرف واحد منه سواء بالحذف أو الزيادة. وفي نفس السياق دعا المحبوب سيد البشر للاستماع والاستمتاع بسماع قارئ ماهر يعيش حال القارئ حين يستشعر المعنى أثناء التجرد والصلاة طول الليل لله الواحد الاحد جل شأن ربه ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.