التوحيد هو ركيزة أساسية للإيمان الإسلامي، فهو جوهر الرسالة التي جاء بها الأنبياء جميعًا إلى البشرية. يدعو الله عز وجل عباده إلى عبادة الله وحده دون شريك، وإلى تجريد القلب من كل ما قد يزاحمه في ملكيته سبحانه وتعالى. هذا الداعي إلى التوحيد يحمل رسالة سامية تحث الإنسانية على ترك الشرك بالله والإخلاص له في العبادة.
في القرآن الكريم والسنة النبوية، نجد العديد من الآيات والأحاديث التي تؤكد أهمية التوحيد ودور الدعوة إليه. يقول تعالى في سورة الأنعام: "إن الدين عند الله الإسلام" (آية 161). يؤكد هذا المقطع على أنه ليس هناك دين مقبول لدى الله إلا الإسلام، وهو الدين الذي يقوم على عقيدة التوحيد الخالص لله الواحد القهار. كذلك، قال النبي صلى الله عليه وسلم: "إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى" (رواه البخاري ومسلم). هذه الرواية تشير إلى ضرورة نوايا صادقة وخالصة لوجه الله في كل عمل، بما فيها الدعوة إلى الله وتوحيده.
الدعوة إلى التوحيد ليست مجرد أمر عقائدي نظري؛ بل هي واجب شرعي على كل مسلم ومؤمن. فهي سبيل لإرشاد الناس لعبادة الله حق عبادته، ولإبعادهم عن طرق الضلال والشرك. لذلك، كان الصحابة رضوان الله عليهم أول دعاة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وانتشرت دعوتهم عبر العالم بجهاد وسيف لا يلين مع الحكمة والموعظة الحسنة.
ومن جهود المسلمين اليوم في مجال الدعوة إلى التوحيد يأتي انتشار المؤسسات التعليمية والدعوية والمنظمات الجماهيرية التي تسعى لتوضيح مفهوم التوحيد ودحض الأفكار الشركية المغلوطة. كما يلعب الإعلام المرئي والمقروء دورًا حيويًّا في نشر مفاهيم التوحيد الصحيحة وشرح العقائد الإسلامية بطريقة سهلة وبسيطة للمستمعين والقراء.
في الختام، فإن الدعوة إلى التوحيد هي استجابة لدعوة رب العالمين نفسه، وهي شرط أساسي لعيش حياة متوازنة مبنية على إيمان قوي وثابت بالقضاء والقدر والإيمان بكل ما جاء به الشرع المطهر. إن فهم أهميتها واتخاذ خطوات عملية لنشرها يعد جزءًا مهمًّا من مسؤوليتنا كمسلمين تجاه مجتمعاتنا وعالمنا من حولنا.