تشهد آيات القرآن الكريم عدة إنجازات علمية بارزة تثبت قدرة الخالق سبحانه وتعالى وإلهامه للنبي محمد صلى الله عليه وسلم. ومن أهم هذه الإعجازات هو وصف حركة الأرض ودورة حياة الإنسان، والتي تعد شاهدة دامغة على صدقه ونبوته.

دوران الأرض: سنة ثابتة منذ الأزل

يشير القرآن بشكل واضح وصريح إلى حركة دائمة للأرض دورياً، مستخدماً مصطلحات تعكس مدى عمق هذا الوصف الدقيق. يقول تعالى: "وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الرَّجْعِ" (الغاشية:14) مما يشير إلى ارتداد الظلام وعودته مرة أخرى كل يوم وليلة، نتيجة لانقلاب الأرض وتغير مواقع الشمس بالنسبة لها. وفي سورة القمر يوضح العلماء أن عبارة "وَبَدَا لَهُمْ مِنْ أَمْرِهِمْ مَا اسْتَعْجَلُوا لَهُ" تنطبق تمام الانطباق مع عملية انشقاق الليل وتحوله التدريجي إلى نهار بسبب تحرك الأرض. يؤكد الباحثون أنه حتى القرن التاسع عشر، كانت الأفكار الغالبة لدى البشر تشير إلى الثبات المطلق للأرض فيما يتعلق بالسماء والأجرام الأخرى. ومع ذلك، فإن النص القرآني يحمل بين طياته علوم الفلك الحديثة المتعلقة بحركة دوران الأرض وحساباتها الرياضية، وهو ما يساعد المسلم اليوم على تقدير رحابة فهم النبي لإعجازه الخالد.

خلق الإنسان: شاهد على القدرة الخلقية

وفي مجال علم الأحياء، يعد بيان خطوات نمو الجنين قصة شهادة مذهلة لنظام خلقي متكامل ومترابط. تبدأ الآيات بتوضيح مرحلة التركيب الأول برقم (32) من سورة الحج: "نَخْلُقُهُ مِن زَرْع". ثم تأتي تفصيلات دقيقة لكل مرحلة لاحقة، حيث توضح كيف تتطور الأنسجة المختلفة وكيف يتم تنظيم وظائف الأعضاء المختلفة داخل الجسم الواحد بطريقة منظمة ومخططة. إن دقة تلك الأوصاف بما يتناسب مع آخر الاكتشافات الطبية حديثاً يدحض ادعاء عدم معرفة العرب لأصول الطب في ذلك الزمان والذي كان مفهومهم البدائي فيه بسيطاً جداً بالمقارنة. وهذا يعني أن مصدر تلك الحقائق ليس إلا الحق المبين المنزل بواسطة الملك القدير الرحيم بنا جميعاً.

فوائد دراسة الإعجاز العلمي للقرآن وفوائده التعليمية والثقافية

إن إدراك دلالات وروائع القرآن من منظور عصري له تأثير كبير على المسلمين وعلى غير المسلمين أيضاً ممن يرغبون في استكشاف جمال كتاب رب العالمين. تساعد الدراسات المقارنة للحكم الشرعية والتطبيقات العملية لهذه التعاليم على توسيع مدارك الناس لفهم دين الإسلام أكثر فأكثر عبر تقديم نظرة شمولية شاملة تلبي احتياجات مختلف الأقسام المجتمعية بمستويات مختلفة للمعارف والمعرفة العامّة. تؤدي التجربة المقارنة المثمرة بين الأدلة الطبيعية المكتشفة واكتشافاته الجديدة جنباً إلى جنب الأدلة الكتابية الى زيادة إيمان المرء بربه عز وجل وإلى تقليل الشكوك المنتشرة بشأن أصالة الرسالة المحمدية ومصداقيتها كمصدر للسعادة الروحية والحياة الفاضلة هنا وهناك سواء فى الدنيا ام الأخرة. إنها دعوة مفتوحة لنا للاستمرار باستكشاف أسرار كلام الله للتعمق بشكل أعمق بالحكمة والإرشاد الدائم للإسلام كأساس لحياة سعيدة وفق مشيئة وخطة الرب القدير.