روى الإمام مسلم في صحيحه عن أبي هريرة -رضي الله عنه- حديثًا نبويًا قيمًا يتعلق بمعنى "سبق المفردون". هذا الحديث، الذي يرويه أيضًا الإمام أحمد، يتحدث عن مشهد من رحلة النبي محمد ﷺ إلى مكة، حيث مر بجبل يُدعى جمدان وقال: "سيروا هذا جمدان سبق المفردون". عند سؤال الصحابة عن معنى "المفردون"، أجاب النبي ﷺ بأنهم "الذاكرون الله كثيرا والذاكرات".
هذا الحديث صحيح لا مطعن فيه، سواء في صيغته المختصرة كما رواه الإمام مسلم أو في صيغته الكاملة كما رواه الإمام أحمد. الشيخ شعيب الأرنؤوط -رحمه الله- قد أثبت صحة هذا الحديث في تخريجه على المسند.
في هذا الحديث، يوضح النبي ﷺ أن "المفردون" هم الذين انفردوا بذكر الله كثيرا، أي الذين جعلوا ذكر الله أولوية في حياتهم، متجاوزين بذلك أقرانهم. هذا الذكر النافع هو الذي يورث القلب خشية وإنابة واندفاعاً نحو سائر الطاعات، وليس مجرد ذكر لفظي لا يواطئه القلب.
بالتالي، فإن "سبق المفردون" يعني أن هؤلاء الذين انفردوا بذكر الله كثيرا سبقوا غيرهم في نيل الزلفى والدرجات العلى بسبب تفانيهم في هذه العبادة العظيمة. هذا الحديث يعلمنا قيمة الذكر المستمر لله تعالى وكيف يمكن أن يكون سببا في تقدمنا الروحي.