إبن فضلان: رائد رحلات استكشافية ونشر الإسلام في بِلَاد الغرب الأقصى

كان إبن فضلان أحمد بن فضلان بن العباس، أحد الشخصيات البارزة والإعلاميين المؤثرين في التاريخ الإسلامي. ولد خلال فترة غير محددة تحديدًا من القرن الرابع

كان إبن فضلان أحمد بن فضلان بن العباس، أحد الشخصيات البارزة والإعلاميين المؤثرين في التاريخ الإسلامي. ولد خلال فترة غير محددة تحديدًا من القرن الرابع الهجري، لكن ما يعرف عنه هو عُلو كعبه في مجال الدين والعلم والأدب الرفيع. شغل منصب سفير لدى دولة بلغاريا دعوة للإسلام ونشر تعاليمه وجعل منه نقطة انطلاق لدخول العقيدة الإسلامية إلى تلك المنطقة النائية آنذاك.

نشأت حياة هذا الرجل الشهير بصورة مختلفة بعض الشيء عمَّا اعتاده الكثيرون ممن حوله؛ فقد نشأ متنقلًا ومتعلميًا بشكل ذاتي تحت رعاية قائدين سياسيين مهمين هما السلطان محمد بن سليمان والحاكم العباسي المستنصِر بالله. اتصل إبن فضلان بالحكام المحليين لتلك المناطق عبر وساطتهم حتى وصل الأمر بأن يتم تكليفه مباشرة من قبل الخلافة العباسية نفسها بزيارة بلدان الشرق الأوروبي مثل روسيا وبحر قزوين وبلاد الكاوكاسوس القديمة والتي تضم قبائل طاجيكستان والصقالبة حالياً. وقد اشتهرت هذه المهمة باسم "رسالة إبن فضلان".

بعيداً عن دوره الجليِّ كممثل سياسي وديني رسمي للحكومة المركزية العربية يومئذٍ, ترك خلفه مؤلفاته الاستثنائية سواء كانت تتعلق بوصف طبيعة البيئة والمجتمع والثقافة أو بتقديم معلومات حول مظاهر الحياة اليومية للسكان المحليین والذي كثيرون منهم كانوا يعيشون خارج دائرة التأثير الثقافي والديني السائد وقتها داخل العالم الإسلامي المترامي الأطراف. لذلك تعد مساهماته ثروة هائلة للمؤرخين الأنثروبولوجيين الذين يحتكون بدراسة العلاقات الاجتماعية والتفاعلية بين الأمم المختلفة عبر القرون الطويلة المنصرمة.

وفيما خص الجانب الآخر المرتبط بإبن فضلان فهو أيضًا شخصية ديناميكية متعددة المواهب إذ أنه acquisitions المذهب الشافعي بعد وفاة والده المبكرة وكان معروفاً برجاحة عقله وصفائه قلبه وشدة ورعه وتميز كلامه بحُسن النظم والاستشهاد بالأمثال الجميلة وانتشار خبرته واسع المدى فيما يتعلق بالقضايا الشرعية والفقهية مما اكسب احترام الجميع له واستحق بذلك لقب 'واثق' نسبة لعزيز الدولة أبو العباس إسماعيل بن علي بن الفضل المصنف لإحدى أشهر كتب التعليق على أحكام فقهاء الأشعرية المسماة بمختصر المنتخب أو مختصر المنذري، ويذكر فيه اسم شيخه الكبير مرة أخرى بانطباع تقديس وإشادة خاصة تقول: "الجواب لو حدثني بهذا الشيخ الواثق...". توفي عام تسع وستين ومائتين وثلاثمائة وخمسين للميلاد بناءً على إحدى الروايات الخاصة حول مكان دفنه النهائي.

هذه السطور سرد قصيرة لأبرز معالم الشخصية الرائدة ذات الآثار الكبيرة ليس فقط داخل حدود الوطن العربي ولكن كذلك خارج أسوار المدن الرئيسية لحوزة حضارة ذلك الزمن الضارب بجذوره بعيدا نحو عصور النهضة الأولى للعالم الإسلامي القديم.


الفقيه أبو محمد

17997 مدونة المشاركات

التعليقات